أثناء ذلك كانت بلاد الشام تتمخض عن أحداث مثيرة (فقد كان الإنكليز يبسطون حمايتهم على الدروز بعد أن شملت فرنسا النصارى بحمايتها بينما أخذت روسيا على عاتقها حماية الكنيسة الأرثوذكسية) وأخذت هذه الدول في تسليح الطوائف التابعة لها وتحريضها على التمرد والثورة. الأمر الذي انتهى بما هو معروف شعبيا باسم (طوشة النصارى) التي انفجرت في أيار - مايو - ١٨٦٠. وإذ ذاك، دفع الأمير فرسانه المسلحين لحماية النصارى من الدروز، وأمكنه خلال أيام الفتنة العشرة حماية الآلاف منهم (بما في ذلك قناصل الدول الأجنبية).
لقد أمنت فرنسا للأمير دخلا يكفيه له ولعائلته وأتباعه (أربعة آلاف جنيه استرليني سنويا). واستخدم الأمير فائض هذا المبلغ على المعوزين وفي سبيل العلم، حيث حرص على جمع أكبر قدر من المخطوطات القديمة التي حرصت دمشق دائما على اقتنائها وحفظها. وها هو الآن يحظى بتكريم كل الدول المسيحية التي اعترفت بجميله فأرسلت إليه أرفع الأوسمة لقاء ما قدمه من خدمات في حماية المسيحيين الذين كان يحاربهم بالأمس كمستعمرين وهو ينقذهم اليوم (كذميين) في حماية الإسلام (وبلغ عدد من أنقذهم الأمير - ١٥ - ألفا).
غادر الأمير عبد القادر دمشق - بعد الحصول على تصريح من نابليون الثالث - في سنة ١٨٦٣ للقيام بالحج. واستقبله شريف مكة بما هو أهل له من التكريم وأقام حجتين مجاورا، ثم غادر الديار المقدسة عائدا إلى بلاد الشام. وتوقف بالإسكندرية في حزيران - يونيو - ١٨٦٤ م.