قاتلتكم بجنود يزيد عددهم على ثلث عدد جنودكم التي تحاربوني بها، ومدة ملكي لا يخفى ثماني سنين، ومدة ملككم يتعدى مئات من السنين، وآلاتكم الحربية قوية، ومع هذا البون الشاسع الذي بيني وبينكم، فإني أعرض عليكم أمرين فاختاروا واحدا منهما: إما أن تعطوني ما أحتاج إليه من أدوات الحرب بالشراء. ثم أنظم جنودي، وإما أن تبقوا في مواضعكم التي تغلبتم عليها، وأبقى أنا في بلادي التي تحت حكمي ثم لا يقرب أحدنا من الآخر مدة اثني عشر سنة، فيبلغ عمر ملكي عشرين سنة. وحينئذ أقاتلكم، فإن غلبتم فلا عار عليكم، إذ يقال غلبكم رجل له قوة عشرين سنة، وإن انتصرتم تكونوا قد انتصرتم على رجل له قوة فيحصل لكم الفخر، وأما اليوم، فانتصاري عليكم يعد فضيحة لكم عند الدول، وانتصاركم علي لا يعد فخرا حيث أنكم غلبتم رجلا عمر ملكه ثماني سنين، ولا قوة عنده يقابلكم بها).
وجمع بيجو هيئة أركانه، وعرض عليهم الرسالة، فتقرر بعد مناقشة حادة عدم الرد عليها وتجاهلها، فأعقبها برسالة ثانية:
٢ - (من الأمير عبد القادر إلى الماريشال بيجو:
إن كانت دولة فرنسا ليس عندها من الأرض ما يكفي رعاياها، وأرسلتكم لتغتصبوا أراضينا، وتبذلوا في ذلكم أنفسكم وأموالكم، فنحن نتخلى لها عما هو في أيديهما الآن من السواحل، ونبقى معها في حال جيران ينتفع بعضهم ببعض، وإن أبت إلا أن تستولي على جميع وطننا، فنحن سنبذل ما في وسعنا في مدافعتها وحماية أرضنا منها إلى أن يقضي الله بيننا وبينها بما شاء، فإن البلاد بلاده، والعبيد عبيده، ولا يخفى عليكم أيها الحاكم أن غزوكم لبلادنا سبب قتل الكثير من جنودكم وإتلاف ذخائركم، وكذلك نحن، وهذا شيء لا يرضى به