للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

افريقية البيضاء إلى عبيد. وأدت هذه الحرفة إلى نقل ما يقرب من ثلاثين مليون افريقي إلى العالم الجديد، وتسخيرهم في الأعمال الشاقة. إذ على أكتاف الأفارقة قام التطور الإقتصادي لأمريكا الشمالية، وعمرت أمريكا الوسطى والجنوبية. وبالأسارى المسلمين، كانت تشق بعض السفن المسيحية عباب البحر. ويعترف الأب دان في مفاوضاته مع الباشا بأن عددا كبيرا من الأسارى الجزائريين مسجونين في فرنسا منهم (٦٨) تركيا في مرسيليا وحدها.

ولم يكن المسلمون في المغرب الإسلامي بمعزل عما كانت تدره النخاسة على تجارة الأوروبيين. لذلك وجهوا اقتصاد مدينة الجزائر نحو تجارة الرقيق - والعبيد المسيحيين بصورة خاصة - إلا أن الجزائر لم تكن لها مستعمرات تصرف فيها هؤلاء العبيد، فاحتفظت بهم رهائن في البلاد حتى تبادلهم بالنقود مع حكوماتهم، أو حتى تبادلهم مع الأسرى الجزائريين الذين هم في قبضة المسيحين، كما حدث بين الجزائر وفرنسا سنة (١٦٩٢ م) حيث حررت الجزائر ثلاثين عبدا فرنسيا مقابل تحرير فرنسا ثمانية أتراك، وكما حدث بين الجزائر وإسبانيا سنة (١٧٧٠ م) وبين دول أوروبية أخرى.

ثم أخذت تنتشر في أوروبا مع نهاية القرن الثامن عشر، فكرة تحرير العبيد وتحريم النخاسة، وذلك لأن الزراعة والصناعة في أوروبا ومستعمراتها بلغت في حينها مرحلة من التقدم التي لم تعد هناك معها حاجة للقدرة البشرية. وبالإضافة إلى ذلك فقد نشبت مخاوف من أن يؤدي تكاثر العبيد الأفارقة في العالم الجديد إلى تغلب العرق الأفريقي على العرق الأوروبي، مما قد يؤدي بالتالي إلى استيلاء الأفارقة على العالم الجديد وطرد الأوروبيين منه وضياع المستعمرات؛ وهي المناطق

<<  <  ج: ص:  >  >>