(فظائع لا مثيل لها، أوامر بالشنق تصدر عن نفوس كالصخر، يقوم بتنفيذها جلادون قلوبهم كالحجر، بالرمي بالرصاص أحيانا، وباستعمال السيف في أحيان أخرى، في أناس مساكين كل ذنبهم أنهم لا يستطيعون إرشادنا إلى ما نطلب منهم أن يرشدونا إليه. ومع ذلك فإن الميل إلى سفك الدماء، وحب التعذيب بإزهاق الأرواح جملة، وبإبادة القرى والقبائل، وإحراق البيوت والتمثيل بالموتى والإجهاز على لجرحى، والفتك بالأطفال والشيوخ والنساء، والاتجار بأعضائهم المبتورة، وحليهم ومتاعهم الغارق في دمائهم. هذا الميل لم يجد في كل الذي رويت لك طرفا منه - ما يشبعه أو يرضيه، فأخذ الإفرنسيون يتفنون في ابتكار وسائل أخرى لم يعرفها تاريخ البشرية على كثرة ما حفل به هذا التاريخ من الفظائع والآثام، فهدتهم غريزة التدمر والتخريب النامية عندهم إلى طريقة أسموها أنفسهم (بجهنم) وخلاصة هذه الطريقة، أن يسد الجنود الإفرسيون باب الكهف أو المغارة التي يلجأ إليها الجزائريون بنسائهم وأطفالهم ومواشيهم فرارا من الموت والقتل والإحراق، ثم يشعلوا في بابها نارا حامية، فيختنق القطيع البشري داخل المغارة مع قطعان الماشية التي صاحبته إلى جوفها، فإذا انبلح الفجر، ذهب الإفرنسيون لمشاهدة هياكل الثيران والحمير والخرفان ويظهر أنها اندفعت بغريزتها نحو مخرج الكهف بحثا عن الهواء الذي انعدم في الداخل فتكدست بعضها فوق بعض، وتكومت جثث الرجال والنساء والأطفال بين هذه الحيوانات ومن تحتها. وشوهد رجل ميت وهو جاث على ركبتيه وقد أمسكت يداه قرن ثور محترق وبجواره امرأة ميتة تحتضن بين ذراعيها طفلها الميت، مما