ويظهر من خلال ذلك أن دول الحلف المقدس، كانت تعمل لإقامة الدولة العربية، ولكن مع إبقاء حدود هذه الدولة فيما وراء جبال طوروس، لا سيما وأن روسيا أفادت من الخلاف المصري - العثماني أكثر من سواها لتعزيز مكانتها ودعم نفوذها لدى الباب العالي. وأمام هذا الموقف اتخذت إنكلترا أسباب الحذر، ذلك لأنها لم تكن ترضى مطلقا بهيمنة روسيا على القسطنطينية. فقامت بمناورة ديبلوماسية، أشارت فيها:(إلى أن دخول محمد علي إلى العاصمة العثمانية، وتقويض حكم السلطان ببضع ساعات، سيساعده على إغلاق البوسفور فعلا في وجه القوات الروسية).
على هذا الأساس أخذت إنكلترا في تطوير علاقتها مع محمد علي باشا، بهدف تصديع عرى العلاقات الروسية - العثمانية. وكان محمد علي بدوره يصبو في الوقت ذاته لإقامة تحالف مع إنكلترا، وسعى إليه بشتى الوسائل من إيماء وتنازلات وإقناع، وقد كتب السفير الإنكليزي في القاهرة لحكومته رسالة يوم ٢٧ تشرين الأول عام ١٨٣٣ - جاء فيها:(هناك فائدة أخرى قد نجنيها من احتلال محمد علي لمودكا واليمن بالنسبة لأي اتصال نود أن نقيمه في المستقبل مع الهند عبر البحر الأحمر. إن محمد علي بامتلاكه لمصر، يسيطر تقريبا على شاطىء البحر الأحمر الغربي كله، وبامتلاكه للحجاز وللجزيرة العربية يسيطر على الشاطىء الشرقي ما عدا المنطقة الصغيرة التي تحيط بموقة. فاحتلال هذه المنطقة يضع بالضرورة شاطىء البحر الأحمر تحت حكم واحد، ويسهل مواصلاتنا مع الهند، خاصة متى كان هذا الحكم حسن الطوية نحو بريطانيا كما هي حال محمد