١٨٣٤ بتسليم مذكرة سرية إلى قنصلي فرنسا وبريطانيا (طالبا مساعدة الحكومتين البريطانية والإفرنسية على إعلان استقلاله، وفي ١٢ تشرين الأول - أكتوبر - من السنة ذاتها، أبلغ بلاط فيينا نفس الطلب. وكانت الحكومة الروسية هي وحدها التي لم تعلم بالأمر. وأكد محمد علي في هذه المذكرة: (بأن حربه ضد الباب العالي إنما تهدف إلى إيقاظ طاقة الأمة الإسلامية الراكدة، وإلى إقامة الإمبراطورية العثمانية على أسس جديدة، وفي سبيل هذا يعلن محمد علي استقلاله قبل أن يقوم بحملة صليبية جديدة ضد الباب العالي وروسيا).
لقد ظن محمد علي باشا أنه يستطيع أن يلهب بورقة العداء ضد روسيا القيصرية ليمارس دوره في إقامة المملكة العربية التي كانت تدعمها الدولتان العظميان، وجهل أو تجاهل بأن الدول العظمى لا تريد من هذا المشروع إلا خلق تناقض داخل الإمبراطورية العثمانية - لا أكثر - وإنما تريده كل هذه الدول بقاء هذا التناقض لتفجيره في الوقت المناسب. وتجاهل محمد علي، أو جهل، حقيقتين أساسيتين وهما:
١ - أن فرنسا التي كان يعتمد عليها في مشاريعه، لم تعد في حاجة إليه بعد أن احتلت الجزائر وجعلتها قاعدة لها، وأنها باتت في حاجة التعاون مع الباب العالي لحل مشكلات الاحتلال أكثر من حاجتها لمحمد علي الذي منحها كل شيء، ولم يبق لديه ما يمنحه.
٢ - أن التنافس بين الدول العظمى هو قبل كل شيء ضد العالم الإسلامي كله، وأن هذا الخط يشكل القاسم المشترك بين سياسات الدول الأجنبية كلها - وعلى هذا فإن روسيا تبقى أقرب إلى النمسا وحتى إنكلترا وفرنسا، منها إلى مصر محمد علي. وهذا ما عبر عنه البلاط القيصري الروسي في رسالة تحمل تاريخ ٣١ كانون الأول - ديسمبر -