إلى أن يعلن ارتياحه لهذا الإمتياز السخيف، وهو الذي أقام الدنيا وأقعدها قبل ذلك، منذرا بالويل والثبور وعظائم الأمور، لأن كرامة إمبراطوره قد امتهنت. ولكن الروسيا وطنت العزم على استغلال هذه الفرصة للقضاء على نفوذ عدوتها السياسي في الشرق. فاحتالت لحمل الباب العالي على أن يوعز لمتصرف القدس بأن يوضع للاتين في القدس لدن تسليمهم المفاتيح، أن هذا الإجراء لا يفيد أن لهم الحق في الدخول من الأبواب. ليس هذا فحسب، بل لقد أصدر السلطان أمره أيضا بتدوين جميع حقوق الأرثوذكس في الأماكن المقدسة، في سجلات محاكم المدينة، واعتبار كل مطلب آخر من مطالب اللاتين باطلا. حتى إذا مرت فرنسا بهذا التحدي أيضا مرا هادئا، طالب القنصل الروسي العام في فلسطين بأن يتلى فرمان الباب العالي. الجديد، في القدس، علانية. ولقد احتج السفير الإفرنسي على هذا، وتهدد الدولة بإلقاء الحصار على الدردنيل إذا ما نزلت بعد اليوم عند إرادة الروسيا. حتى إذا تجاهلت الدولة هذا الإنذار، وأذعنت لمطالب الروسيا، لم تجرو فرنسا هذه المرة أيضا، على أن تصنع شيئا.
لم تقنع روسيا بما أحرزته من نصر، فتمادت في طلباتها، وأرسلت سفيرا فوق العادة إلى إستانبول، طالب الباب العالي بتسوية مسألة الأماكن المقدسة عن طريق معاهدة خاصة مع الروسيا، وبأن يعترف بالبطريرك الأرثوذكسي رئيسا روحيا مستقلا. ورفض الباب العالي هذه المطالب التعسفية الجائرة، فغادر السفير (منشيكوف) إستانبول. وفي ٢٦ حزيران - يونيو - ١٨٥٢، وجه القيصر نيقولا الأول، رسالة إلى شعبه أعلن فيها: (أن الروسيا تضطلع منذ القدم بواجب الدفاع عن الأرثوذكسية. وإن هذا الواجب قد ألزمه، بعد أن