إمبراطورية عربية ودولة يهودية على أنقاض الإمبراطورية العثمانية. ولعل نابليون الثالث اعتقد أن من واجبه، ومن مصلحة فرنسا أيضا، المساعدة على بعث الإمبراطورية العربية. وإذا كان نابليون بونابرت قد عجز عن التعاون مع شخصية إسلامية مناسبة، للقيام بأعباء هذه الدولة تحت هيمنته. فإن باستطاعة نابليون الثالث (على ما يعتقد في نفسه) الاعتماد على عبد القادر حتى يصبح بطل هذه القضية. ولا بد من القول قبل كل شيء بأن تدخل الحكومة الإفرنسية في سوريا سنة ١٨٦٠ (أثناء طوشة النصارى) قد اشتمل على مخطط (لإقامة مملكة عربية تحت حكم عبد القادر) أو (بعيينه قائدا لها ببساطة). وقد وضع نابليون الثالث باعتباره ما قام به الأمير عبد القادر أثناء الحرب الأهلية سنة (١٨٦٠). ولقد ظهرت تناقضات كثيرة في تفسير علاقات الأمير عبد القادر بفرنسا، وزاد الأمر غموضا واضطرابا بسبب الترجمة الإفرنسية السيئة والمتعمدة لأعمال الأمير وأقواله ونواياه. المهم في الأمر؛ هو أن مذابح سنة (١٨٦٠) في سوريا ولبنان قد أسقطت (٢١،٩٠٠) قتيلا وفقا لما تذكره المصادر الكاثوليكية، أو (١١،٥٠٠) قتيلا بحسب ما تذكره المصادر العثمانية. وقد برز من خلال هذه المذابح اسم الأمير عبد القادر الذي استطاع إنقاذ (٥ - ١٠) آلاف مسيحي في دمشق. وكان تدخله الشجاع سببا في حقن دماء الآلاف من المسيحيين ولم يزد عدد الجزائريين العاملين تحت قيادة الأمير عبد القادر على (٨٠٠) رجل مسلح، بعضهم من الفرسان. واستطاع
هؤلاء بسط حمايتهم على ثمانية آلاف مسيحي، أرسل إلى بيروت منهم كل من رفض البقاء في مدينة دمشق. ومعروف أن وزير الحربية الإفرنسية آنذاك، سمح بتجنيد الجزائريين وإرسالهم كقوة جديدة