تختلف باختلاف التشريعات أو تبديل الحكام والقادة. الأمر الذي أوصل الجزائر في النهاية إلى إعلان الثورة.
تثير مطالعة السطور السابقة دونما ريب مجموعة من التساؤلات عن وضع هذه الدولة التي امتلكت القوة الطاغية الوحشية، والتي أمكن لها بواسطتها الاستيلاء على الجزائر، ثم وقوف هذه الدولة عاجزة عن إدارة ما سيطرت عليه بالقوة. وتعبر ظاهرة الاضطراب المستمر، والتبديل المتتابع للأنظمة والقادة على مدى القصور الناجم بين القوة وبين القدرة على استخدام القوة بصورة صحيحة. وهو الأمر الذي أكدته مسيرة الأحداث بعد ذلك عندما اصطدمت القوة الإفرنسية، بقوة أكثر كفاءة منها، هي القوة البروسية، في ميدان (سيدان) سنة ١٨٧٠، فسقطت القوة الإفرنسية ضحية تناقضاقها الذاتية. وفي الوقت ذاته، فإن بروز هذه التناقضات وظهورها، لم يكن في واقعه إلا نتيجة من نتائج ردود فعل مسلمي الجزائر، في مجابهتهم لقوة الاستعمار الوحشية ; وهنا أيضا وعلى الرغم من قصور الوسائط المادية، وعلى الرغم أيضا من عزلة مسرح العمليات، فقد استطاع المجاهدون في سبيل الله ممارسة دورهم في الدفاع عن ديار الإسلام. مما أوقع السلطة الاستعمارية في شباك تناقضاتها، وتأكدت مرة أخرى في التاريخ تلك الحقيقة الخالدة، وهي أنه من المحال قهر شعب مؤمن ومصمم على تحقيق أهدافه مهما بلغت به درجة الضعف، ومهما تعاظمت في مجابهته قوى الشر والعدوان.
المثير في الأمر هو أن تلك التناقضات كانت تعتمد باستمرار على اللعب (بورقة المواطنين الجزائريين)،و (المزاودة أو المناقصة على حقوقهم الإنسانية والدينية)، وعلى حقوقهم الطبيعية في (الأرض