للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استعمارية في إطار الهجرة والاستيطان فانطلقوا لشن الحملات الصحافية ضد السلطة العسكرية والمكاتب العربية، مع المطالبة بدمج الجزائر سياسيا في إطار نظام مدني، وبطرد الجزائرين من أراضيهم، وتشجيع بيعها للمستوطنين بصورة أوسع (١). واستجابت حكومة الإمبراطور نابليون الثالث لمطالبهم، فأنشأت يوم ٢٤ حزيران - يونيو - ١٨٥٨ ما أطلق عليه إسم (وزارة الجزائر والمستعمرات) وأسندت رئاستها إلى (الأمير جيروم نابليون) الذي كان له دور في هذا التغيير لما له من تأثير على عمه الإمبراطور فاستحدث مجلسا أعلى إلى جانبه، ومجالس إقليمية في كل مقاطعة، بهدف الإدماج الكامل للجزائر في فرنسا (٢) ومن أجل ذلك تم إنشاء ست دوائر عمالية مدنية، وجرت محاولة لإدماج العدالة الإسلامية في القضاء الإفرنسي - المدني .. ولم يبق للسلطة العسكرية بعد هذه الإجراءات سوى منصب القيادة العليا للقوات البرية والبحرية التي أسندت رئاستها إلى ماكماهون.

وكان من المفروض أن تسير الأمور سيرا طبيعيا. ولكن الوزير الجديد


(١) يمكن هنا الإشارة إلى العريضة التي وقعها (٤٢٠) مهاجرا أوروبيا ورفعوها إلى الحكومة الإفرنسية يوم ٢٧ شباط - فبراير - ١٨٦٣، وفيها ما يلي: (إذا ما توقفت الحكومة عن الاستجابة لمتطلبات المستعمرين الأوروبيين، ولم تترك لهم حرية إستثمار المناطق، إلا ما تم انتزاعه من القبائل منذ الاحتلال وحتى اليوم فإن ساعة الجلاء عما حصل عليه المنتصرون في سنة ١٨٣٠ قد حانت. وستظهر حكومة عربية، أي أمة بدون جنسية، أو تجمع من المتوحشين ورجال القبائل المتصارعين بعضهم ضد البعض الآخر).
(٢) من المعروف، أن نابليون الثالث، لم يفكر أبدا في التخلي عن الجزائر، بعكس ما تشير إليه بعض المصادر. وهو الأمر الذي عبر عنه لويس نابليون بونابرت يوم ٦ أيار - مايو - ١٨٦٥ بقوله: (إن الجزائر هي لفرنسا، كما إن إيرلندا لإنكلترا، وكما إن بولونيا لروسيا، وليست الجزائر إلا كرة كبيرة، فقطعوها إلى شرائح، واجتثوا منها حياتها، فيسهل عليكم الإمساك بالكرة) السياسات الاستعمارية في المغرب - شارل روبرت - ص ٦٣ و ٦٨
.

<<  <  ج: ص:  >  >>