المدني في الجزائر والعسكري في سائر أنحاء الإمبراطورية (١).
أقامت الإدارة الإفرنسية في الجزائر، منذ الأيام الأولى للاستعمار، مكتبا خاصا أطلق عليه اسم (المكتب العربي) بمهمة تأمين الاتصال بالجزائريين. وقد أطلق على هذا الاسم اعتبارا من سنة ١٨٣٧ (مصلحة الشؤون العربية) وكانت هذه المصلحة تعمل تحت إشراف الضباط الإفرنسيين. وفي نهاية شباط - فبراير - ١٨٤٤ صدر قرار بإنشاء وظيفة (مدير الشؤون العربية) لإدارة المصلحة السابقة تحت إشراف الحاكم الأعلى في كل دائرة وناحية وبذلك برزت (المكاتب العربية) التي حدد واجبها بتنظيم شرطة العرب، وجباية الغرامات والضرائب، ومساعدة الرؤساء الجزائريين الخاضعين لفرنسا، ومراقبة السكان من الناحية السياسية. وعلى هذا الأساس اعتبر الإفرنسيون نظام المكاتب العربية ورؤساء الأهالي مهما لهم (يؤدي خدمة جليلة ومفيدة). وقد توسمت سلطات هذه المكاتب العربية بالتدريج وقوي نفوذها حتى أصبح ديوان المكتب العربي هو المركز الحقيقي للسلطة بالجزائر، وصارت تمارس مسؤوليات الحراسة والمراقبة، والتوجيه السياسي والديني والمالي والعسكري والإداري. كما صارت إدارة مستقلة حتى عن الجيش، ويخضع لها تسعة أعشار البلاد. واعتمد ضباطها في إدارتهم على الزعماء الوطنيين. ولكن ذلك لم يمنع الأوروبيين من التمتع بحقوق وامتيازات سياسية متعاظمة اعبارا من سنة ١٨٤٨. كما لم يمنعهم ذلك من تنظيم معارضة شديدة ضدها ومناصبتها العداء طوال عهد الإمبراطورية، مع محاولة القضاء
(١) صدر المرسوم المنظم لمنح هذه الجنسية في ١٤ تموز - يوليو - سنة ١٨٦٥. وحدد امتيازاتها وطريقة حصول الجزائريين عليها.