عليها باعتبارها تمثل في نظرهم حاجزا ضد تسلطهم على البلاد سياسيا وإداريا، واعتبروها دعامة للسلطة العسكرية التي يعارضون وجودها باستمرار - منذ سنة ١٨٤٨ - . ودفع ذلك السلطة الإفرنسية إلى إصدار تعليماتها في ٢١ أذار - مارس - ١٨٦٧ والتي نصت على إشراف الحكام العسكريين للمقاطعات والنواحي، على توقيع الأوامر والتعليمات، وعلى حصر عمل المكاتب العربية في إدارة بشؤون الأهالي وجعل ضباطها (مجرد ضباط إتصال بين السلطتين المدنية والعسكرية).
لقد كان الجدل بين المدنيين والعسكريين من دهاقنة الاستعمار مركزا في الواقع على أفضل السبل لتأمين (النهب الاستعماري) بأفضل الوسائل وأكثرها سهولة. والشواهد على ذلك غير محدودة، ومن ذلك على سبيل المثال:(تحتاج الجزائر إلى سيف الأباء حتى تتوافر فيها السعادة. والحكومة العسكرية هي التي تستطيع ممارسة الحكم بدون أن تصاب (بالارتعاش). وهي التي يمكن لها تذليل العقبات أمام المعمرين غير المدربين والمعزولين في كل مكان) وكذلك ما قيل:(من أنه بعد ثمانية وثلاثين عاما من الاحتلال العسكري لا زالت فرنسا أجنبية عن هذا الشعب، مثل اليوم الذي وصلت فيه إلى الجزائر. وهذا ما يفرض دعم الحكم العسكري حتى لا تضيع الجزائر، وحتى لا تفقد فرنسا الطاقات العسكرية التي تستفيدها منها) ولم تتورع المجلة العسكرية الإفرنسية من دعم هذا الاتجاه فجاء في أحد أبحاثها ما يلي: (إن القوة وسيطرة الجيش هما الوسيلة الوحيدة للمحافظة على الأمن، وكسب ود الأهالي، وجلبهم إلى الحضارة الأوروبية)(١) هذا في حين حاولت بعض المصادر الإفرنسية معالجة
(١) LA REGIME DU SABRE EN ALGERIE (LA REVUE MILITAIRE FRANCAISE PARIS ١٨٦٩ P.P.١٣,١٧,٣١?٤٨)