هذا الغزو شكلا خطيرا مع بداية العام ١٧٦٦ الذي أطلق عليه اسم (عام الجراد). حيث عبرت أفواج الجراد جبال الأطلس من الجنوب إلى حقول الشمال ومزارعه (في شهر نيسان - إبريل) ملتهمة في طريقها كل ما تجده من الخضار والثمار. ففقد الناس إنتاجهم، وتعرضوا لضائقة مادية شديدة، واستمرت بعد ذلك هجمات الجراد في كل عام. وبينما كان الأهالي يعانون هذه المحنة، حدثت زلازل في البليدة وقرى متيجة (متوجة) في مطلع العام ١٨٦٧. وانتشر مرض الكوليرا والتيفوس. وكان وباء الكوليرا قد ظهر في العام ١٨٦٦ بشكل محدود، ثم تعاظم خطره في العام ١٨٦٧، وانتشر في البلاد عن طريق المسافرين الأجانب الذين كانوا يفدون إلى البلاد عن طريق الموانىء. ومع انتشار الكوليرا، انتشر أيضا مرض (التيفوس) فأخذ الجزائريون يموتون بالجملة في القرى والطرقات العامة، مما أرغم السلطات الإفرنسية على تسخير السكان لحفر الخنادق العميقة لدفن الموتى. (وذكر أن عدد الضحايا من المواطنيين الجزائريين هو مما يصعب تقديره، وأن الذين ماتوا خلال شهرين فقط قد وصل إلى مائتي وخمسين ألفا)(١)(وأن ضحايا الكوليرا في منطقة دللس وحدها بلغوا عشرة آلاف مواطن). أما في بسكرة (فقد مات أكثر من ألف مواطن خلال فترة (١٥) يوما فقط - ما بين ١٥ و ٣٠ تموز - يوليو - ١٨٦٧).
لم تقف الكوارث الطبيعية عند حدود انتشار الأوبئة، وإنما تجاوزتها بسبب ما حدث من القحط والجفاف، مما أدى إلى نفاد المحصولات الزراعية والغذائية. فمنذ العام ١٨٦٥ والمطر يشح ولا ينزل إلا بمقدار، وفي أيام قليلة من فصل الشتاء. ودام هذا القحط