المسغبة) ليدفعوا الضر عن أنفسهم. ولما حل بهم غلو السعر في استئجار الأراضي التي احتلها المستوطنون، مع الزيادة في المغارم، صارت الحاجة تدعوهم إلى الاستدانة، والحصول على القروض بفوائد فادحة تزيد على الستين بالمائة، ممن انتصب لذلك ولم يرحم خلق الله. واضطر الفلاحون الجزائريون إلى بيع الزرع والصرف قبل أوانه بأقل من نصف القيمة. فصار الزرع الذي يحصدونه في الصيف، يخرج كله من أيديهم في الشأن المذكور - ولم يبق بأيديهم فاضل يدخرونه). ولقد حاول شيوخ الجزائر وزعماؤها في الواقع بذل كل جهد مستطاع لتقديم المساعدات الطبية والمواد الغذائية. وأخرجت الأسر الموسرة ما عندها من مخزون الحبوب ووافر المال وقامت بتوزيعها على المتضررين والمنكوبين. واضطر بعض هؤلاء الزعماء - ومنهم محمد المقراني - إلى الاقتراض من السماسرة اليهود بأرباح فاحشة من أجل إسعاف المحتاجين. وقد وجهت حكومة (ماكماهون) نداءأ لكبار التجار، طلبت منهم أن يقدموا قروضا مالية - بضمان الدولة - لرؤساء الأهالي، ليقدموها بدورهم إلى مواطنيهم الجزائريين. واستجاب المقراني وتسلف من اليهودي (مسرين) الذي كان يملك أسهما في بنك الجزائر، قرضا بمبلغ ثلاثمائة وخمسين ألف فرنك، في شكل صكوك (سندات) غير أن هذا المبلغ لم يلبث أن ارتفع بالفوائد إلى نصف مليون فرنك. كما اقترض - المقرني أيضا - مبلغ مائتي ألف فرنك من اليهودي (عبادي - من عائلة لافي) وثلاثمائة ألف من اليهودي (أبو قاية) فارتفعت ديونه بذلك إلى مليون فرنك. وكان ذلك سببا في إيقاعه بمشكلات ومصاعب لا نهاية لها مع دائنيه.