كما سقط معه ثلاثة من إخوانه. وتوقف الرمي تماما لهول الصدمة التي نزلت بأتباعه. وحمل الثوار في الحال جثة المقراني إلى (قلعة بني عباس) ودفنوه بمسقط رأسه.
حاول (بومزراق) وقادة الثورة، إخفاء خبر استشهاد الحاج المقراني في بدايه الأمر. وأشاعوا أنه جرح جروحا بليغة بسبب انفجار قنبلة بين يديه، غير أن ثلاثة أشخاص من الستة الذين اعتقلهم في معركة ٢ أيار - مايو - فروا أثناء استشهاده مستغلين فرصة ما حدث من هيجان واضطراب، والتحقوا (بالآغا بوزيد) وأحاطوه علما بالأمر. فقام هذا بواجبه وأبلغ ذلك إلى السلطات الإفرنسية.
وهكذا اختفى الحاج محمد المقراني من ميدان الجهاد سرعة، وبعد واحد وخمسين يوما فقط من بداية ثورته. ولم يعش خلالها أحداثا حاسمة. وكان من نصيبه تذليل العقبات والاصطدام بالصعوبات، ومعاناة مرارة الفشل، وفقد قصره بمجانة وكل أثاثه وأملاكه، وفشل في احتلال (برج بوعريريج) و (البويرة). ولم يتمكن من إخضاع (الآغا بوزيد)؛ كما رفض أصدقاؤه القدامى (أمثال ابن علي الشريف) أن ينضموا إليه ويدعموا جبهته.
ومقابل ذلك، حقق نجاحا رائعا في إيقاد جذوة الثورة، وتوحيد جبهة أبناء عمومته ضد المستعمرين. ودعم الثورة بتعاونه مع الشيخ الحداد، وإقناعه برفع راية الجهاد في سبيل الله، مما ضمن للثورة القدرة على الصمود والاستمرار.
مضى الحاج محمد المقراني للقاء ربه صابرا مجاهدا، وترك جذوة الثورة متوهجة في قبضة المجاهدين، ومنهم بصورة خاصة (الإخوان الرحمانيين).