إلى جالب احتلالهم لمدينة (بجاية) وتحويلها إلى قاعدة صلبة، سيضمن للإسبان تفوقا كبيرا، لا سيما وأن قواعدهم في وهران والمرسى الكبير ستتعزز إذا ما أمكن لهم احتلال مدينة الجزائر ذاتها وتحويلها إلى قاعدة حصينة, هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن سيطرة القوات التركية العثمانية على الجزائر سيساعد القوات الإسلامية على دعم مقاومة البلاد المجاورة في بجاية ووهران، ويضمن للأسطول الإسلامي حرية العمل من قاعدة إضافية. وهكذا قرر (عروج) الاستجابة لطلب أهل الجزائر (بني مزغنة) وصمم على السير إليها برا بما يتوافر له من القوات وتوجيه الأسطول في الوقت ذاته بقيادة أخيه (خير الدين). وغادر (عروج) قاعدته (جيجل) على رأس قوة تضم ثمانمائة من الأتراك، وثلاثة آلاف من مجاهدي الجبال القبائلية، بيىنما أبحر (خير الدين) ومعه (١٨) سفينة كبيرة، و (٣) سفن مسلحة، (تحمل (٢٥٠٠) من مجاهدي المشرق الإسلامي). ووصلت القوات إلى (الجزائر) فاستقبلها أهل الجزائر استقبال الفاتحين.
وسار (عروج) فورا إلى مدينة (شرشال) وطرد الإسانيين منها، ورجع إلى مدينة الجزائر. حيث اجتمع زعماؤها وأصحاب الرأي فيها وقرروا أن يسندوا إليه واجب (أمير الجهاد). وكان ذلك من أبرز أحداث الجزائر في سنة (٩٢٢ هـ = ١٥١٦ م).
شعر (الأمير سالم التومي - حاكم البلدة السابق) أن الأمر قد أفلت من يده، وأن عشيرته من (بني سالم) لم تعد هي القوة الأساسية، وأخذ في البحث عن الوسيلة التي تضمن له ولعشيرته استعادة ما كان لهما من نفوذ، وشعر (عروج) بأن اتصالات (سالم التومي) تثير الشكوك، وقد تؤثر على عملياته في الوقت الذي وضع فيه مدافعه في مواجهة (صخرة البنيون) وأخذ في قصف الحامية الإسبانية فيها.