فأصدر أمره بقتل (سالم التومي)(١). وعزز مكانته باتخاذ مجموعة من الإجراءات مثل نشر سلطانه بعد أمد وجيز على كامل السهول المحيطة بمدينة الجزائر، ورفع راياته فوق أسوار المدينة والقلاع المحيطة بها، (وكانت ألوان العلم الأخضر والأصفر والأحمر). كما بادر بسك النقود التي تحمل شعاره والتي كتب عليها (ضرب في الجزائر).
أما (يحيى بن سالم التومي) فقد مضى إلى وهران بعد مقتل أبيه، يستنجد بالإسبان، ويبين لهم خطر استقرار الأتراك بمدينة الجزائر، ويستعديهم عليهم بكل سرعة حتى يعيدون إليه مشيخة أبيه على مدينة الجزائر. ولم يكن الإسبان في حاجة لمثل هذه الاستثارة، فقد أدركوا للوهلة الأولى أن استقرار عروج بمدينة الجزائر وبيعة أهلها له (أميرا على الجهاد) سيهدد كل مشاريعهم بالانهيار، وسيقضي على المخططات الصليبية في التوسع عبر أقاليم المغرب الإسلامي.
(١) تذكر بعض المصادر أن عروج قتل (سالم التومي) بيده لقاء خيانته التي تؤكدها الرسالة التالية والتي وجهها أحد عملاء الإسبانيين من شيوخ العشائر إلى (الكاردينال خمينيس) وفيها: (الحمد لله، إلى مدبر الملكة القشتالية وكبيرها وخليفة سلطانها الكاردينال: بعد سلامنا عليكم نعرفكم أن ابن سلطان تنس هو ابنكم ومتعلق بكم، ومحسوب عليكم، وكذا ابن التومي صاحبكم في الجزائر، انذبح عليكم وعلى خدمتكم، وغفلتم عليه وعلى السلطان في تنس وعلى جميع من عاملكم. حاشاكم من هذا، فإن كنتم تعملون على همتكم أعزموا للجزائر قبل ما تجيء عمارة (اسيطيل) التركي، فيستولي على هذا البركة، ونحن عرفناك ولو يكون هذا الخبر عندكم , وأيضا ابن سلطان تنس كان عنده خاله الشيخ المنتصر ينفر عليه (أي يدافع عنه) واليوم مات. ما بقا لو أحد إلا الله وأنتم إذا ما عزمتم إليه، ينفسد ويفسد عليكم الحال كثيرا في هذا البر. والقائد مرتين ادرغوت عارف بكل شيء. وهو يكون عرفك بكل مقصد. وكتب لكم من مدينة مستغانم. يصل إلى يد الفاضل الشهير قرض نال (الكاردينال). عن (حرب الثلاثمائة سنة - المدني - ص ١٧٥ - ١٧٦).