في تألقها، المتماثلة في حجومها وأشكالها وأضوائها. وعلى هذا، فالانتقاء لا يعني الأفضلية قدر ما يعني تصوير مرحلة تاريخية من خلال قيادة تاريخية معينة.
هكذا كان الأمير عبد القادر الجزائري، وهو يقول:"أما بعد، فإن الفرنسيس المعتدين على البلاد الإسلامية، بعدما عاهدناهم وسالمناهم، نكثوا وجالوا في بلادنا وعاثوا، ومن نكث فإنما ينكث على نفسه، ومن المعلوم أن التهاون في مثل هذا، والإغضاء عنه يزيدهم طغيانا لواعتداء علينا ... ومما علم من كتب التواريخ، أن العرب يبتهجون في معامع القتال كما يبتهج العريس ليلة عرسه، فلا يخطر في بالكم أنهم يضجرون منها أو يتركونها من ذات أنفسهم ما دامت الأقدار الإلهية مساعدة لهم. فإن حكمت عليهم بغير ذلك، فمن المعلوم أن الأرض لله من بعدهم يورثها من يشاء من عباده، فلا معقب لحكمه ولا راد لقضائه ".
وها هو محب الدين الخطيب يقول عن الأمير الشيخ طاهر الجزائري ما يلي: "هو الذي ربى عقلي، وهو الذي حبب إلي هذا الاتجاه الفكري منذ كنت طفلا إلى أن صرت رجلا. ولا أعرف مؤلفا ولا حامل قلم في ديار الشام، إلا وقد كانت له صلة بهذا العربي العظيم والأفادة من عقله وسعة فضله. وكل الذين جاهدوا هناك لأجل الحرية، وفي سبيل المعارف، ولإحياء علوم السلف، ولإعادة مجد العروبة والإسلام، إنما كانوا من إخوانه. وهو واسطة عقدهم ورأس مجالسهم، أو من طبقة تلاميذه، وهو مضرب المثل عندهم في كمال العقل وسعة الاطلاع التي لا حد لها.