تجدر الإشارة إلى أن هذه الهجمة الصليبية الشاملة، لم تتوقف عند حدود العالم العربي، وإنما تجاوزته إلى أقصى المشرق. وهنا قامت روسيا بدور المنافس للبريطانيين، إذ احتلت قواتها بخارى وسمرقند في سنة ١٨٦٨، ثم ضمت إليها خوارزم سنة ١٨٧٣، كما ضمت إليها خواقند سنة ١٨٧٦ حتى إذا ما أقبلت سنة ١٨٨٤، استولت روسيا على مرو، وبذلك توطد مركزها في المشرق.
ومقابل ذلك قامت بريطانيا باجتياح أفغانستان، واستولت على كابول وقندهار في سنة ١٨٧٨، وعقدت معاهدة مع أفغانستان سنة ١٨٧٩ تنازلت فيها أفغانستان لبريطانيا عن مجازبولان ووادي قرم.
أما بالنسبة لبلاد فارس (إيران)، فقد بقي الصراع الروسي - البريطاني مستمرا عليها، حتى سنة ١٩٠٧، حيث أمكن لروسيا - بعد هزيمتها في الحرب الروسية - اليابانية (١٩٠٤) أن تتفق مع بريطانيا، فحصلت هذه على قاعدة في جنوب فارس تمتد من حدود الأفغان حتى بندر عباس. ومقابل ذلك، حصلت روسيا على الجزء الشمالي من البلاد، والذي يمتد من قصر شيرين - شرقا حتى الحدود الروسية - الأفغانية غربا ويشمل أصفهان ويزدوكاخ. ومع انتقاص العالم الإسلامي من أطرافه، وتمزيقه، بات من السهل على الحملة الصليبية توجيه حرابها إلى قلب العالم الإسلامي (الممثل بالامبراطورية العثمانية) للإجهاز على بقية الروابط التي كانت توحد جهد العالم الإسلامي.
جاءت الحرب العالمية الأولى، بعد ذلك، لتصل بالحملة الصليبية حتى نهايتها. واستطاعت الدولتان الاستعماريتان بريطانيا وفرنسا،