بِلَحْم الْحُوت أَو لَا يَأْكُل رؤسا أَو بيضًا حنث برؤس السّمك وبيضها خلافًا ل ش لِأَن لفظ الرؤس وَالْبَيْضِ لَمْ يَخْتَصَّ فِي الْعُرْفِ بِبَعْضِ أَنْوَاعِهَا بَلْ مَنْ قَالَ رَأَيْتُ رَأْسًا يُقَالُ لَهُ رَأَسُ أَيِّ شَيْءٍ وَيَحْسُنُ جَوَابُهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَإِنَّمَا اخْتُصَّ الْأَكْلُ بِبَعْضِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْعُرْفَ الْفِعْلِيَّ لَا عِبْرَةَ بِهِ وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ الْقَوْلِيُّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَحْنَث فِي ثمن الْحِنْطَة وَلَا فِيهَا أَشْبَهَهُ وَاسْتَحْسَنَ أَشْهَبُ فِي الطَّلْعِ عَدَمَ الْحِنْثِ بالبسر أَو الرطب لبعد مَا بَينهَا فِي الطَّعْمِ وَالِاسْمِ وَالْمَنْفَعَةِ كَالْخَلِّ مَعَ الْعِنَبِ وَلَمْ يَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحِنْثَ بِمَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ إِلَّا فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ فِي الشَّحْمِ مِنَ اللَّحْمِ وَالنَّبِيذِ مِنَ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْعَصِيرِ مِنَ الْعِنَبِ وَالْمَرَقِ مِنَ اللَّحْمِ وَالْخُبْزِ مِنَ الْقَمْحِ وَقَدْ جَمَعَهَا الشَّاعِرُ بِقَوْلِهِ
(أمراق لحم وخبز قَمح ... نَبِيذ تَمْرٍ مَعَ الزَّبِيبِ)
(وَشَحْمُ لَحْمٍ وَعَصْرُ كَرْمٍ ... يَكُونُ حِنْثًا عَلَى الْمُصِيبِ)
وَالِاقْتِصَارُ عَلَى هَذِهِ الْخَمْسَةِ يَعْسُرُ تَقْرِيرُهُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ بِالْخُبْزِ مِنَ الْقَمْحِ لِبُعْدِهِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ مِنْ هَذَا الْقَمْحِ أَوْ مِنْ هَذَا الدَّقِيقِ وَاسْتَحْسَنَهُ مُحَمَّدٌ وَلَا يُحَنِّثُ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحَالِفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا أَوِ اللَّبَنَ بِالزُّبْدِ أَوِ السَّمْنِ وَلَا يَأْكُلُ رُطَبًا بِالتَّمْرِ أَوْ لَا يَأْكُلُ عَسَلًا بِالرَّبِّ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِصِيغَةِ مِنْ وَعَمَّمَ ابْنُ وَهْبٍ الْحِنْثَ فِي ذَلِكَ قِيَاسًا وَفَرَّقَ ابْنُ حَبِيبٍ بَيْنَ أَنْ يُشَارَ إِلَيْهِ بِ هَذَا فَيَحْنَثَ أَوْ يُنَكَّرَ فَلَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ تَتَنَاوَلُ الْخُصُوصَ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ وَالْمُتَوَلِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الْأَجْزَاءِ قَالَ سَحْنُونٌ الْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ زَعْفَرَانًا يَحْنَثُ بِالطَّعَامِ الْمُزَعْفَرِ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ إِلَّا كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحَالِفُ عَلَى اللَّحْم يَحْنَث بالكرش وَالرَّأْس والمعاء والدماغ وَغَيرهَا خلافًا ل ش وَابْنِ حَنْبَلٍ فَهُمَا يُلَاحِظَانِ الْعُرْفَ وَهُوَ يُلَاحِظُ اللُّغَةَ وَالْحَالِفُ بِأَحَدِهِمَا لَا يَحْنَثُ بِالشَّحْمِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ شَحْمًا وَالْحَالِفُ عَلَى اللَّحْمِ يَحْنَثُ بالقديد دون
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute