للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الْبَحْثُ السَّابِعُ فِي سَبَبِ الرُّخْصَةِ: وُفِي (الْجَوَاهِرِ) فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْمَعْرُوفُ لِيَحْفَظَهَا لَهُ وَيَحْمِلَ عَنْهُ الْجِذَاذَ وَدَفْعَ الضَّرَرِ عَنِ الْمُشْتَرِي بِدُخُولِ الْبَائِعِ وَخُرُوجِهِ وَتَوَقُّعِ أَذِيَّتِهِ وَكَشْفِهِ لِلْعِيَالِ فِي الْبُسْتَانِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي (الْكِتَابِ) وَجَوَّزَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ دُونَ الْمَعْرُوفِ لِأَنَّ الْغَايَةَ إِنَّمَا هِيَ بِدَفْعِ الضَّرَرِ غَالِبًا قَاعِدَةٌ: إِذَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِحُكْمٍ فِي مَحَلٍّ: فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مَعْرِفَةُ حِكْمَتِهِ فَهُوَ تَعَبُّدٌ وَإِنْ أَمْكَنَتْ مِنْ أَوْصَافٍ مَذْكُورَةٍ فِي النَّصِّ فَهُوَ تَنْقِيحُ الْمَنَاطِ كَحَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ فِي إِفْسَادِ الصَّوْمِ وَمِنْ أَوْصَافٍ غَيْرِ مَذْكُورَةٍ كَتَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَهُوَ تَخْرِيجُ الْمَنَاطِ ثُمَّ إِنْ وَجَدْنَا وَصْفًا وَاحِدًا جَعَلْنَاهُ كَمَال الْعلَّة وأوصافاً كُلَّهَا مُنَاسِبَةً جَعَلْنَا الْمَجْمُوعَ عِلَّةً إِلَّا أَنْ يومى الشَّرْعُ أَوْ يَنُصَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِالِاسْتِقْلَالِ فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ عِلَّةً فَإِنِ اجْتَمَعَتِ الْأَوْصَافُ تَرَتَّبَ الْحُكْمُ عَلَيْهَا أَوِ انْفَرَدَ أَحَدُهَا تَرَتَّبَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعِلَّةِ الْمُرَكَّبَةِ مِنْ أَوْصَافٍ وَبَيْنَ أَوْصَافٍ كُلُّ وَاحِد مِنْهَا عِلّة وَهَاهُنَا إِنَّمَا الشَّرْعُ لِلضَّرَرِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ السَّبَبُ الَّذِي كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَشْتَرِي لِأَجَلِهِ الْعَرَايَا فَقَرَّرَهُ الشَّرْعُ وَيُؤَكِّدُهُ: رُخْصَةُ الْمُسَاقَاةِ وَالْقِرَاضِ وَأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَإِسَاغَةِ الْغُصَّةِ بِالْخَمْرِ وَالْقَصْرِ وَالْفِطْرِ فِي السَّفَرِ كُلُّهَا لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَإِيمَاؤُهُ لِلنَّفْعِ وَالْمَعْرُوفِ بِقَوْلِهِ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ عَلَى الْقَرْضِ بِجَامِعِ بَذْلِ عَيْنٍ فِي مِثْلِهَا وَجَوَازُ رَدِّ عَيْنِ الْمَأْخُوذِ فَلَا جَرَمَ اعْتُبِرَ الْمَشْهُورُ إِحْدَى الْعِلَّتَيْنِ لَا بِعَيْنِهَا اجْتَمَعَتَا أَوِ افْتَرَقَتَا لِدَلَالَةِ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى اعْتِبَارِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَرَجَّحَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَنَاطَهُ بِكَثْرَةِ وُجُوهِ الْقِيَاسِ وَالِاعْتِبَارِ قَالَ فِي (الْجَوَاهِرِ) وَيَتَخَرَّجُ عَلَى تَحْقِيقِ الْعِلَّةِ شِرَاءُ بَعْضِ الْعرية

<<  <  ج: ص:  >  >>