وَالْفَرْقُ لِلْمَشْهُورِ أَنَّ النَّافِلَةَ تَتَضَمَّنُ رَفْعَ الْحَدَثِ لِتَحْرِيمِ فِعْلِهَا بِالْحَدَثِ فَإِذَا نَوَاهَا فَقَدْ نَوَى لَازِمَهَا عَلَى وَجْهِ الِالْتِزَامِ بِخِلَافِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ فَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ رَفْعُ الْحَدَثِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ لَا يَصِحُّ إِلَّا بَعْدَ رَفْعِ الْحَدَثِ فَيَتَضَمَّنُ الْقِيَاسَ السَّابِقَ بَلْ يُؤَكِّدُ ذَلِكَ وَنَقُولُ كُلُّ سَبَبَيْنِ بَيْنَهُمَا تَلَازُمٌ شَرْعِيٌّ فَإِنَّ الْقَصْدَ إِلَى أَحَدِهِمَا قَصْدٌ لِلْآخَرِ كَالصَّلَاةِ مَعَ رَفْعِ الْحَدَثِ وَالْعِبَادَةِ مَعَ أَجْزَائِهَا. فَإِنِ اغْتَسَلَ لِجَنَابَةٍ نَاسِيًا لِجُمُعَتِهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَخْتَلِفُ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ خِلَافًا ش ح وَقَالَ ابْنُ عبد الْحَكِيم وَأَشْهَبُ وَابْنُ أَبِي سَلَمَةَ يُجْزِئُهُ قَالَ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي الْعَكْسَ لِأَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ لَا تُجْزِئُ الْجُمُعَةُ عَنِ الْجَنَابَةِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ تُجْزِئُ الْجُمُعَةُ عَنِ الْجَنَابَةِ وَلَا تُجْزِئُ الْجَنَابَةُ عَنِ الْجُمُعَةِ. أَمَّا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فَرَأَى أَنَّ غُسْلَ الْجُمُعَةِ لَا يَتَضَمَّنُ رَفْعَ الْحَدَثِ وَالْجَنَابَةُ تَتَضَمَّنُ النَّظَافَةَ فَيَحْصُلُ الْمَقْصُودَانِ وَأَمَّا عَبْدُ الْمَلِكِ فَرَأَى أَنَّ غُسْلَ الْجُمُعَةِ لَا يَصِحُّ مِنَ الْجُنُبِ وَإِنَّمَا شُرِعَ فِي حق الطَّاهِر فالقصد إِلَيْهَا قصد للزمها كَمَا تَقَدَّمَ. فَرْقٌ يُجْزِئُ غُسْلُ الْجَنَابَةِ عَنِ الْوُضُوءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْوِيَهُ وَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْوِيَهُ مَعَ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَأَخْفَضُ رُتْبَةً وَإِذَا أَجْزَأَ عَنِ الْأَعْلَى فَأَوْلَى أَنْ يُجْزِئَ عَنِ الْأَدْنَى وَالْفَرْقُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْوُضُوءَ بَعْضُ أَجْزَاءِ الْجَنَابَةِ وَالْأَقَلُّ تَابِعٌ لِلْأَكْثَرِ وَغُسْلُ الْجُمُعَةِ فِي كُلِّ أَعْضَاء الْجَنَابَة. وَثَانِيهمَا أَن الْوضُوء وَاجِب مِنَ الْجِنْسِ فَضَمُّ الشَّيْءِ إِلَى جِنْسِهِ أَقْرَبُ مِنْ ضَمِّهِ إِلَى غَيْرِ جِنْسِهِ. وَلَوِ اغْتَسَلَ لِجُمُعَتِهِ وَجَنَابَتِهِ وَنَوَاهُمَا مَعًا فَالْإِجْزَاءُ فِي الْكِتَابِ لِأَن الْمَقْصُود
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute