مِنَ الْجَنَابَةِ رَفْعُ الْحَدَثِ وَمِنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ النَّظَافَةُ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْمَقْصُودَيْنِ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِم يَنْفِي الْإِجْزَاءِ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِغُسْلِ جُمْلَةِ جَسَدِهِ لِلْجَنَابَةِ فَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بَلْ جَعَلَ الْجُمُعَةَ مُشْتَرَكَةً فَلَا يَكُونُ آتِيًا بِمَا أُمِرَ بِهِ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. قَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجْزِئَهُ عَنْ جُمُعَتِهِ دُونَ جَنَابَتِهِ لِضَعْفِ الْغُسْلِ بِالتَّشْرِيكِ وَهُوَ أَضْعَفُ الْغُسْلَيْنِ وَتَوَهَّمَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهَا مُخَرَّجَةٌ عَلَى مَنْ مَشَى فِي حَجَّةٍ وَاحِدَةٍ لِنَذْرِهِ وَفَرْضِهِ فَإِنَّ فِيهَا اخْتِلَافًا وَقَالَ مَالِكٌ أَحَقُّهُمَا بِالْقَضَاءِ أَوْجَبُهُمَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَلِ الْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا تَرَى. وَقَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا حَاضَتْ أَخَّرَتْ غُسْلَهَا حَتَّى تَطْهُرَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَنْبَغِي إِذَا طَهُرَتْ مِنَ الْحَيْضِ وَلَمْ تَغْتَسِلْ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا حُكْمَ الْجُنُبِ فِي الْقِرَاءَةِ وَالْوُضُوءِ قَبْلَ النَّوْمِ لِتَمَكُّنِهَا مِنَ الْغُسْلِ حِينَئِذٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُجْزِئُهَا غُسْلٌ وَاحِدٌ لَهُمَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ إِنْ نَسِيَتِ الْجَنَابَةَ أَجْزَأَهَا لِأَنَّ الْحَيْضَ أَشَدُّهُمَا مَنْعًا وَقَالَ سَحْنُونُ إِنْ نَسِيَتِ الْحَيْضَ لَمْ يُجْزِئْهَا لِاخْتِصَاصِ الْحَيْضِ بِالْمَنْعِ مِنَ الْوَطْءِ وَلِأَنَّهُ النَّاسِخُ لِحُكْمِ الْجَنَابَةِ وَالْحُكْمُ لِلنَّاسِخِ لِبُطْلَانِ الْمَنْسُوخِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُجْزِئُهَا قِيَاسًا عَلَى أَسْبَابِ الْأَحْدَاثِ فِي الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَة فِي الشَّجَّة إِذا كَانَت مَوْضِعَ الْوُضُوءِ إِنْ غَسَلَهَا بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ يُجْزِئُ عَنِ الْجَنَابَةِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ تُجْزِئُ نِيَّةُ الْوُضُوءِ عَنِ الْغُسْلِ وَيَبْنِي عَلَى الْمَغْسُولِ وَنِيَّةُ الْغُسْلِ عَنِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا فَرْضُ طَهَارَةٍ. الْفَرْضُ الثَّالِثُ تَعْمِيمُ الْجَسَدِ بِالْغُسْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُم جنبا فاطهروا} وَقَوله تَعَالَى {حَتَّى تغتسلوا} وَاللَّفْظُ ظَاهِرٌ فِي الِاسْتِغْرَاقِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute