للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَحْقِيقٌ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَدَثَ لَهُ مَعْنَيَانِ الْأَسْبَابُ الْمُوجِبَةُ كَالرِّيحِ وَنَحْوِهِ وَلِذَلِكَ يُقَالُ أَحْدَثَ إِذَا وُجِدَ مِنْهُ سَبَبٌ مِنْهَا وَالثَّانِي الْمَنْعُ الشَّرْعِيُّ مِنَ الْإِقْدَامِ عَلَى الصَّلَاةِ حَتَّى يَتَطَهَّرَ وَهُوَ الَّذِي تُرِيدُهُ الْفُقَهَاءُ بِقَوْلِهِمْ يَنْوِي فِي وُضُوئِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَالتَّيَمُّمُ يُبِيحُ إِجْمَاعًا وَمَعَ الْإِبَاحَةِ لَا مَنْعَ فَيَكُونُ الْحَدث قد ارْتَفع ضَرُورَة قلا مَعْنَى لِقَوْلِنَا إِنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَأَمَّا الِاحْتِجَاجُ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ عِنْدَ وُجُودِ الْمَاءِ فَلَا يَسْتَقِيمُ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي بَقَاءَ الْمَنْعِ مَعَ الْإِبَاحَةِ فَإِنَّ اجْتِمَاعَ الضِّدَّيْنِ مُحَالٌ عَقْلًا وَالشَّرْعُ لَا يَرِدُ بِخِلَافِ الْعَقْلِ فَإِنْ كَانَ الْحَدَثُ مُفَسَّرًا بِغَيْرِ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُبْرَزَ حَتَّى نَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ أَوِ الْقَبُولِ فَإِنَّا لَا نَجِدُ غَيْرَ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ الثَّامِنُ احْتِرَازٌ مِنْ غَسْلِ إِحْدَى الرِّجْلَيْنِ وَإِدْخَالِهَا فِي الْخُفِّ قَبْلَ غَسْلِ الرِّجْلِ الْأُخْرَى فَإِنَّهُ لَا يَمْسَحُ حَتَّى يَخْلَعَ ثُمَّ يَلْبَسُهُمَا بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ خلافًا لأبي ح وَمُطَرِّفٍ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَنْ لَيْسَ مَعَهُ مِنَ الْمَاءِ إِلَّا مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ لَبِسَ خُفَّيْهِ ثُمَّ أَتَمَّ وُضُوءَهُ قَالَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَغْسِلَ رِجْلَيْهِ بَعْدَ وُضُوئِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فالأصحاب يخرجُون هَذَا الْفَرْع بطريقين يبْقى أَنَّ الْحَدَثَ هَلْ يَرْتَفِعُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ أم لَا يرْتَفع إِلَّا بعد كَمَا الطَّهَارَةِ؟ فَإِنْ قُلْنَا بِالِارْتِفَاعِ فَمَذْهَبُ مُطَرِّفٍ وَإِلَّا فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَهِيَ مُفَرَّعَةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ الْحَدَثَ هُوَ الْمَنْعُ الشَّرْعِيُّ مِنَ الصَّلَاةِ حَتَّى يَتَطَهَّرَ الْمُحْدِثُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ قَبْلَ الْكَمَالِ بِالْإِجْمَاعِ فَكَيْفَ يَلِيقُ أَنْ يُقَالَ الْحَدَثُ يَرْتَفِعُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ وَمَا يَظْهَرُ بَعْدَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ عَلَى التَّحْقِيقِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْمَاءِ مَا يَكْفِيهِ لِبَعْضِ طَهَارَتِهِ وَهُوَ مُحْدِثٌ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ الْمَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ كَانَتِ الطَّهَارَةُ تَحْصُلُ فِي بَعْضِ الْأَعْضَاءِ يُوجَبُ اسْتِعْمَالُهُ فِي بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>