أَمَرَهُ بِالْحُكْمِ وَحَاشَاهُ أَنْ يَكْرَهَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ بَلْ مَعْنَاهُ لَوْ كُنْتُ ضَعِيفًا لَأَحْبَبْتُ عَدَمَ الْحُكْمِ لِعَجْزِي عَنْهُ حِينَئِذٍ فَالَّذِي كَانَ لِأَجَلِ صِفَةِ أَبِي ذَرٍّ فِي ضَعْفِهِ لَا الْحُكْمِ فِي نَفْسِهِ فَمَا زَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَاكِمًا وَأَرْسَلَ عَلِيًّا قَاضِيًا وَمُعَاذًا وَغِيَرَهَمَا قُضَاةً إِلَى الْأَمْصَارِ وَهُوَ مَنْصِبُ الْأَنْبِيَاءِ أَجْمَعِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنور يحكم بهَا النبيئون} وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّحِيحَيْنِ لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ وَرَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا تَنْبِيهٌ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ الْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْأَمْرِ بِالزُّهْدِ فِي الْقَضَاء وَالْفَرْض لَا يَأْمر بِالزُّهْدِ فِيهِ بَلْ هُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْكُلِّ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا يَسْقُطُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ وَأَجَابَ بِأَنَّ شَرَفَ الْقَضَاءِ مَعْلُومٌ قَطْعًا وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ لَيْسَتْ مِنْ هَذَا وَإِنَّمَا هِيَ تُحَذِّرُ وَتُنَبِّهُ عَلَى الِاحْتِرَاسِ مِنْ غَوَائِلِ الطَّرِيقِ وَقَالَ أَصْحَابُ ش الْغَنِيُّ تُكْرَهُ لَهُ الْوِلَايَةُ وَالْفَقِيرُ الَّذِي يَنَالُ بِالْوِلَايَةِ كِفَايَةً مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ اكْتِسَابٌ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ بَلْ طَاعَةٌ فَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْوِرَاقَةِ قَالُوا وَمَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ رَغْبَةً فِي الْوِلَايَةِ وَالنَّظَرِ لَا لِنَشْرِ الْعِلْمِ وَالْعَدْلِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يُكْرَهُ لَهُ الطَّلَبُ وَالْإِجَابَةُ وَيُسْتَحَبَّانِ وَيُكْرَهُ لَهُ الطَّلَبُ وَتُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِجَابَةُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُرَغِّبَةِ وَمُوَافَقَةِ الْمَلَائِكَةِ لِمَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذَا جَلَسَ الْقَاضِي فِي مَجْلِسِهِ هَبَطَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute