للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَيْهِ مَلَكَانِ يُسَدِّدَانِهِ وَيُرْشِدَانِهِ وَيُوَفِّقَانِهِ فَإِنْ جَارَ عَرَجَا وَتَرَكَاهُ قُلْتُ وَالْقَوْلُ بِالِاسْتِحْبَابِ مُطْلَقًا بَعِيدٌ لِمَا وَرَدَ مِنَ التَّحْذِيرِ وَطَلَبِ السَّلَامَةِ وَسِيرَةِ السَّلَفِ فَقَدْ فَرَّ بَعْضُهُمْ مِنَ الْقَضَاءِ فَعَاتَبَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَقَالَ لَهُ أَوَ مَا عَلِمْتَ أَن الْعلمَاء يحشرون مَعَ الْأَنْبِيَاء وَالْقَضَاء مَعَ الْمُلُوكِ وَتُصَدَّقُ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَعَلَى هَدْيِهِمْ وَإِرْشَادِهِمْ وَالتَّعْلِيمُ وَالْإِرْشَادُ هُوَ مَقْصُودُ الرِّسَالَةِ الْأَعْظَمُ وَأَمَّا تَصَرُّفُهُمْ بِالْقَضَاءِ وَالْإِمَامَةِ فَتَابِعٌ وَلِذَلِكَ إِذَا أَرَدْتَ تَعَرُّفَهُمْ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالْفِتْيَا فَحَمْلُهُ عَلَى الْفُتْيَا أَوْلَى لِأَنَّهُ الْغَالِبُ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ أَحْيَى أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ حَمَلَهُ ح عَلَى التَّصَرُّفِ بِالْإِمَامَةِ فَلَا يُحْيِي أَحَدٌ إِلَّا بِإِذن الإِمَام وَمَالك وش عَلَى الْفُتْيَا فَيَجُوزُ مُطْلَقًا وَالْقُضَاةُ شَارَكُوا الْمُلُوكَ فِي غَالِبِ أَحْوَالِهِمْ وَهُوَ الْقَهْرُ وَالْإِلْزَامُ فَيُحْشَرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَعَ أَهْلِ صِفَتِهِ وَيُؤَكِّدُهُ مَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُؤْتَى بِالْقَاضِي الْعَدْلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَلْقَى مِنْ شِدَّةِ الْحِسَابِ مَا يَوَدُّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَاضِيًا بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ فَإِنَّ الْعَدْلَ فِي الْغَالِبِ لَا يَسْلَمُ عَنْ تَقْصِيرٍ فِي الِاجْتِهَادِ إِمَّا لِطَلَبِ الرَّاحَةِ وَإِمَّا لِهَوًى دَخَلَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ وَالْعَوَارِضُ كَثِيرَةٌ فَلِذَلِكَ يَشُقُّ عَلَيْهِ الْحِسَابُ وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ كحول لَوْ خُيِّرْتُ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَبَيْتِ الْمَالِ لَاخْتَرْتُ الْقَضَاءَ وَلَوْ خُيِّرْتُ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَضَرْبِ عُنُقِي لَاخْتَرْتُ ضَرْبَ عُنُقِي وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَوْ عَلِمْتُ بِمَكَانِ رَجُلٍ هُوَ أَقْوَى عَلَى هَذَا الْأَمْرِ مِنِّي لَكَانَ أَنْ أُقَدَّمَ فَتضْرب عنقِي

<<  <  ج: ص:  >  >>