١ - أن ينبغي على حد قوله أن يكون كل ما يدل على الإحاطة والشمول مفردًا، أو غيره معرفة، وعليه يجب منعه من الصرف، وليس أعم من كلمة (شيء) فهي أعم كلمة ومع ذلك هي منصرفة قال تعالى: {ليس كمثله شيء}[الشوري: ١١]، وقال:{ندمر كل شيء بأمر ربها}[الأحقاف: ٢٥].
ومثل ذلك ألفاظ العموم، نحو أحد، وعريب، وديار، نحو (ما فيها أحد)، وكل ما يفيد العموم نحو (قوة خير من ضعف)، و (جِد خير من عبث) فهذا كله يدل على الإحاطة فينبغي أن يمنع من الصرف
٢ - ثم من قال أن صيغة منتهى الجموع تدل على الإحاطة والشمول والإستغراق؟
أن النحاة ذكروا أن القصد بمصطلح (منتهى الجموع) أنه نهاية جمع التكسير، فلا يكسر هذا الجمع مرة أخرى، وأنه جمع لا نظير له في الواحد، كما ذكرنا، ولم يقل أحد إن المقصود به الإحاطة، يدل على ذلك جعله تمييزا لأدني العدد، قال تعالى:{كمثل حبة أنبتت سبع سنابل}[البقرة: ٢٦١] وقال: {سبع طرائق}[المؤمنون: ١٧]، وتقول (ثلاثة مساجد) فكيف يكون دالا على الإحاطة والشمول؟
٣ - ويرد ذلك استعمال العرب والتنزيل العزيز، قال تعالى:{سيروا فيها ليالي وأياما آمنين}[سبأ: ١٨]، فمنع صرف الليالي وصرف الأيام، فهل أراد استغراق الليالي دون الأيام؟
وقال:{لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد}[الحج: ٤٠]، فمنع صرف الصوامع والمساجد وصرف البيع، فهل أراد استغراق الصوامع والمساجد دون الصلوات والبيع؟
ثم من يقول أنه أراد هدم جميع المساجد والصوامع، على سبيل الاستغراق؟
وقال:{وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا}[الحجرات: ١٣]، فصرف الشعوب دون القبائل، فهل أراد استغراق القبائل دون الشعوب؟