وبعد ذلك ألسنا نقول:(أقبل محمد نفسه وخالد) فيكون المعطوف عليه مؤكدًا بخلاف المعطوف؟ ونقول: رأيت الطلاب كلهم لا بعضهم فيكون المعطوف والمعطوف عليه مختلفين من حيث التوكيد؟ ومن هنا جاء النظر في قراءة (إما يبلغان عندك الكبر أحدهما أو كلاهما) بإثبات الألف في (يبلغان) واختلاف النحاة في إعراب (كلاهما) توكيدًا أولا مع أنها معطوفة على عير التوكيد.
فاتضح بهذا ما قلناه.
وهذا الذي ذكرناه إنما يكون في اختيار الكلام إما في الشرع فقد يضطر إلى ذلك الشاعر اضطرارا فإن للشعر لغته ولذلك كقول الشاعر:
معاوي إننا بشر فأسجع ... فلسنا بالجبال ولا الحديدا
أديروها بني حرب عليكم ... ولا ترموا بها الغرض البعيدا
٢ - عطف الجملة على الجملة، تقول:(ما كان زيد ذاهبًا ولا محمد حاضرا) فتشرك الجملة الثانية مع الأولى في النفي في المضي أي ولا كان محمد حاضرًا، فإن قلت (ولا محمد حاضر) لم تكن على إرادة المضي بل على إرادة الحال فهي غير مشتركة في المضي مع الجملة الأولى. جاء في (الكتاب)، "تقول:(ما عبد الله خارجًا ولا معن ذاهب) ترفعه على ألا تشرك الاسم الآخر في (ما) ولكن تبتدئه كما تقول: ما كان عبد الله منطلقا ولا زيد ذاهب، إذا لم تجعله على كان وجعلته غير ذاهب الآن. وكذلك (ليس) وإن شئت جعلتها (لا) التي يكون فيها الاشتراك فتنصب كما تقول في كان: ما كان زيد ذاهبا ولا عمرو منطلقا، وذلك قولك: ليس زيد ذاهبًا ولا أخوك منطلقا) وكذلك ما زيد ذاهبًا ولا معن خارجًا ..
و(ما) يجوز فيها الوجهان، كما يجوز في (كان) إلا أنك إن حملته على الأول أو ابتدأت فالمعنى إنك تنفي شيئا غير كائن في حال حديثك. وكان الابتداء في (كان) أوضح لأن المعنى يكون على ما مضى وعلى ما هو الآن. وليس يمتنع أن يراد به الأول كما أردت في (كان).