يذكر النحاة أن الواو في نحو (سرت ومحمد) بمعنى مع. فهل من فرق بين قولنا (سرت ومحمدا) و (سرت مع محمد)؟ أو بعبارة أخرى هل هناك فرق بين واو المعية ومع؟
١ - أن الفارق الرئيس بين واو المعية ومع، أن مع مكان أو زمان، فالأول نحو جئت مع سعيد، وأنا معك، والثاني نحو: جئت مع الغروب، بل الأكثر أن تكون للمكان، وقد وردت في القرآن الكريم في (١٦٠) مائة وستين موطنا كلها للمكان، أما الواو فهي حرف يفيد المصاحبة والاقتران، وليس مكانا أو زمان ولذا قد يختلفان في المعنى وفي ورودهما في التعبير، ومن ذلك على سبيل لمثال قوله تعالى:{فاستقم كما أمرت ومن تاب معك}[هود: ١١٢]، فهناك فرق بين قولك (ومن تاب معك)، وقولنا ومن تاب ياك، فمعنى من تاب معك، هنا من تاب كائنا معك، أو صائرا، معك فهي مكان ولو أبدل الواو بهذا لتغير المعنى، فلو قال: ومن تاب وإياك، لكان المعنى أنكما اقترنتما في التوبة أي تبتما في وقت واحد، وقد تحتمل مع معنى الواو أيضا إلا أنها هنا لا يراد بها إلا المكان لا الاقتران.
ومثله قوله:{التي هاجرن معك} الأحزاب: ٥٠]، والمعنى هاجرن كائنات معك، أو صائرات معك، ولو قال (هاجرن وإياك) لا تختلف المعنى، فقولنا (هاجرن وإياك) معناه انكم اقترنتم في الهجرة أو تصاحبتم في الهجرة أي في وقت واحد. ومن المعلوم أنه لا يصح القول هاجرن وإياك، لأنهن لم يحصبنه في الهجرة، وإنما صحبه أبو بكر فقط. ومع ذلك فإن مع تحتمل معنى الواو، إلا أنها هنا لا تحتمل إلا ما ذكرنا فقولنا هاجرن معك يحتمل معنيين: الصحبة في الهجرة أي الاقتران، ويحتمل أنهن هاجرن صائرات معك، أما الواو فلا تحتمل المعنى الأول.
ومثله قوله تعالى:{وتوفنا مع الأبرار}{آل عمران: ١٩٣}، أي توفنا داخلين مع الأبرار، ولا تصلح الواو هنا، فلو قلنا (توفنا والابرار) لكان المعنى أنهم يقترنون في