للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فما تعبدون في سورة الشعراء أخبار عن تنبهه لهم، لأنهم أجروا مقاله مجرى مقال المستفهم، فأجابوه وقالوا: {نعبد أصناما فنظل لها عاكفين} فنبه ثانيا بقول: {هل يسمعونكم أذ تدعون}.

وأما {ما تعبدون} في سورة الصافات فإنها تقريع وهو حال بعد التنبيه، ولعلمهم بأنه يقصد توبيخهم وتبكيتهم، لم يجيبوا كأجابتهم في الأول، ثم أضاف تبكيتا إلى تبكيت ولم يستدع منهم جوابًا فقال: {أئفكا آلهة دون الله تريدون، فما ظنكم برب العالمين}.

فلما قصد في الأول التنبيه كانت (ما) كافية، ولما بالغ وقرع استعمل اللفظ الأبلغ وهو (ماذا) التي إن جعلت (ذا) منها بمعنى (الذي)، فهو أبلغ من (ما) وحدها، وإن جعلا اسما كان أيضا أبلغ وأوكد مما إذا خلت من ذا (١).

[١١ - متى]

للسؤال عن الزمان نحو (متى السفر)؟ وقد يخرج عن الاستفهام الحقيقي إلى معان أخرى، كالاستبطاء نحو قولك (متى يؤوب أبي) مستبطئا عودته، والاستعباد نحو قوله تعالى: {ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين} [يونس: ٤٨]، وغير ذلك من المعاني.

[١٢ - من]

للسؤال عمن يعقل نحو: (متى حضر؟ ) فتقول: خالد، قال تعالى: {ومن أصدق من الله قيلا} [النساء: ١٢٢]، وقال: {ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه} [البقرة: ١٣٠].

وقد يخرج (من) عن الاستفهام الحقيقي إلى أغراض أخرى كالنفي نحو قوله تعالى: {ومن يغفر الذنوب إلا الله} [آل عمران: ١٣٥] (٢).


(١) درة التنزيل ٣٣٠ - ٣٣١
(٢) انظر المغنى ١/ ٣٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>