للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حذف نون كان المجزومة]

يقول النحاة أن نون كان قد تحذف تخفيفا لكثرة الاستعمال، بشرط أن يكون الفعل مجزومًا بالسكون وألا يليه حرف ساكن. قال ابن عقيل: "حذفوا النون بعد ذلك لكثرة الاستعمال فقالوا (لم يك) وهو حذف جائز لا لازم، ومذهب سيبويه ومن تابعه أن هذه النون لا تحذف عند ملاقاة ساكن فلا نقول: لم يك الرجل قائمًا وأجاز ذلك يونس ..

وأما إذا لاقت متحركًا فلا يخلو إما أن يكون ذلك المتحرك ضميرًا متصلا، أو لا فإن كان ضميرًا متصلا لم تحذف النون اتفاقًا" (١).

وهذا الكلام صحيح غير أن البليغ لا يحذف لمجرد التخفيف، وإنما لغرض بلاغي يقتضيه المقام، نعم قد يضطر إلى ذلك في شعر أو نحوه، ولكن في اختيار الكلام لا يفعل ذلك لمجرد التخفيف.

لقد حذفت النون من كان المجزومة سبع عشرة مرة في القرآن الكريم، ولم تحذف مع إمكان الحذف في سبعة وخمسين موطنًا، وما ذلك إلا لسبب بلاغي يقتضيه المقام قال تعالى: {ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون} [النحل: ١٢٧].

وقال: {ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون} [النمل: ٧٠]، فمرة حذف ومرة أبقى.

وقال: {فلا تك في مرية منه إنه الحق} [هود: ١٧].

وقال: {ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه} [السجدة: ٢٣].

فمرة حذف ومرة أبقى.

وقال: {يابني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة} [لقمان: ١٦].


(١) ابن عقيل ١/ ١١٨، وانظر التصريح ١/ ١٩٦، الهمع ١/ ١٢٢، الرضي على الكافية ٢/ ٣٣٣، ابن الناظم ٥٩

<<  <  ج: ص:  >  >>