محمد، وأما (أحسن بمحمد) فهو دعوة إلى التعجب من حسن محمد، فأنت تدعو غيرك ليشاركك في هذا التعجب، يدلك على ذلك تحويله إلى صورة الأمر، كما يقول الأولون أو هو أمر حقيقة، كما يقول الآخرون.
والباء في المتعجب منه قد تكون زائدة جيء بها للدلالة على التعجب، فمعنى (أكرم بمحمد)(أكرم محمدًا) أي صفة بالكرم، ولزمت الباء للدلالة على معنى التعجب، لأن الباء كثيرا ما يؤتى بها للدلالة على التعجب، وقد تكون للالصاق فقولك (أحسن بمحمد) معناه ألصق الحسن بمحمد، مرادا منه التعجب.
٣ - التعجب إلى صيغة (فَعُل).
من صيغ التعجب ما حول من الأفعال إلى (فَعُل) بضم العين سواء كان مضموم العين أصلا كظرف، ولؤم أم محولا من ثلاثي مفتوح العين، أومكسورة، نحو فقه، وقضو، وعدل بشرط تضمينه معنى التعجب، فتقول:(قضو محمد) أي ما أقضاه و (عدل خالد) أي ما أعدله و (ظرف سعيد) أي ما أظرفه.
وذلك أن الأصل في (فَعُل) أن يدل على الطبائع والسجايا، كقبح وحسن وقد يحول الفعل إلى هذه الصيغة لأغراض متعددة، منها الدلالة على التحول في الصفات، ومعناه أن الفعل أصبح سجية في صاحبه، أو كالسجية فيه، وذلك نحو فقه، وفقه تقول (فِقه محمد المسألة) إذا فهمها، وتقول (فقُه محمد) أي صار فقيها، بمعني أنه لكثرة ممارسته الفقه اصبح الفقه له سجية أو كالسجية، وتقول (خطب خالد) بفتح الطاء إذا ألقي خطبة، فإن قلت (خطب) بضم الطاء كان المعنى أنه صار خطيبا، أي تحولت الخطابة فيه إلى سجية، فلك أن تحول كل فعل ثلاثي إلى هذه الصيغة للدلالة على تمكن الوصف في صاحبه.
ومنها الدلالة على التعجب، نحو (كرم الرجل سعيد) بمعنى (ما أكرمه) و (حسن) بمعنى (ما أحسنه)(١). قال تعالى:{كبرت كلمة تخرج من أفواههم}[الكهف: ٥].
(١) انظر الهمع ٢/ ٨٨، شرح الرضي على الكافية ٢/ ٣٥٢، شرح ابن يعيش ٧/ ١٢٩