تستعمل (في) للظرفية نحو (محمد في الدار) و (الزيت في القارورة) ونحو قوله تعالى: {فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات}[فصلت: ١٦].
ويستعمل الباء للظرفية، أيضا نحو (ولد بالبصرة) ونحو قوله تعالى {ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة}[آل عمران: ١٢٣]، وقوله:{من يكلؤك بالليل والنهار من الرحمن}[الأنبياء: ٤٢].
وقالوا: قد تستعمل (على) لذلك، نحو قوله تعالى:{ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها}[القصص: ١٥]، أي في حين غفلة، ونحو قولنا:(كان ذلك على عهد الواثق) و (جمع المصحف على عهد أبي بكر).
فما معنى الظرفية في كل حرف من هذه الأحرف؟ وهل هي ظرفية متماثلة؟
إن ظرفية (في) ظرفية تضمن واحتواء، وظرفية الباء ظرفية ملاصقة واقتران، نقول:(الماء في الحب) و (الزيت في القارورة) ولا نقول (الماء بالحب) ولا (الزيت بالقارورة) لأن الحب يحتوي الماء والقارورة تحتوي الزيت، ونقول (دفن في القبر) لأن القبر تضمنه واحتواه. قال تعالى:{أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور}[العاديات: ٩ - ١٠]، ونقول (كان في السفينة) قال تعالى: {حتى إذا كنتم في الفلك}[يونس: ٢٢]، لأن الفلك تضمنت من فيها ولا نقول (بالسفينة).
ونقول:(أقام بالبصرة) على معنى الملاصقة والاقتران، فإن قلت (أقام فيها) فعل معنى تضمنته واحتوته، وتقول (ذهب في الناس) أي دخل فيهم، فهم احتووه وتضمنوه، ولا نقول:(دخل بهم) على هذا المعنى.
ونقول:(أدخلت الخاتم في أصبعي، والقلنسوة في رأسي) ولا نقول: (بإصبعي)(برأسي) جاء في (الأصول): " واعلم أن العرب تتسع فيها - أي في حروف الجر - فتقيم بعضها مقام بعض إذا تقاربت المعاني، فمن ذلك الباء، تقول فلان بمكة وفي