للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[إضمار اللام]

ذهب بعض النحاة إلى أن لام الأمر قد تضمر بعد قول هو أمر، نحو قوله تعالى: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن} [الإسراء: ٥٣]، وقوله: {قل لعبادي الذين أمنوا يقيموا الصلاة} [إبراهيم: ٣١]، والعنى: قل لهم ليقولوا وليقيموا (١).

وذهب الجمهور إلى أن الجزم هو مثله في قولنا (ائتني أكرمك) أي على تقدير إن تقل لهم يقيموا الصلاة " وابطل ابن مالك بالآية أن يكون الجزم في جواب شرط مقدر لأن تقديره يستلزم أن لا يتخلف أحد من المقول له ذلك، عن الامتثال ولكن التخلف واقع وأجاب ابنه بأن الحكم مسند إليهم على سبيل الاجمال، لا إلى كل فرد فيحتمل، أن الأصل (يقم أكثرهم) ثم حذف المضاف وأنيب عنه المضاف إليه، فارتفع واتصل بالفعل، وباحتمال أنه ليس المراد بالعباد الموصوفين بالإيمان مطلقا بل المخلصين منهم. (٢).

والذي يبدو لنا أن الرأي الأول أصوب، لأن العنى على تقدير الشرط قد يبعد بخلاف تقدير اللام فقولنا (قل له يحفظ القصيدة) معناه: قل له ليحفظها، وليس معناه (إن تقل له يحفظها) وقد أبطل ذلك ابن مالك.

وأما جواب ابنه ففيه نظر، وذلك أنه قد يؤتى بهذا التعبير فيما لا يصح فيه الشرط، فقد نقول هذا التعبير عمن لم نتيقن من استجابته، فيصح أن نقول عن شخص لم نتيقن من استجابته (قل له ينته عن الخمر) فلا يصح تقدير: (إن تقل له ينته عن شرب الخمر) وكذلك أن تقول (قل له ينته عن القول بالرجعة) وأنت تعلم أنه لا ينتهي، أو غير متيقن من استجابته، وأن تقول (قل لهم يكفوا عن التخريب) لمن لا تعلم أنهم سينتهون بمجرد القول، فلا يصح تقدير (إن تقل لهم يكفوا عن التخريب) بخلاف تقدير اللام، فإنه موافق للقصد.


(١) انظر المغني ١/ ٢٢٥، شرح الرضي ٢/ ٢٧٩، الهمع ٢/ ٥٥
(٢) المغني ١/ ٢٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>