مثل طعمه، والقصد تشبيها به، وتقول (اشتريت عقدا هل رأيت حب الرمان) أي يشبهه، وتقول: اشتريت قماشا هل لمست الحرير غير أنه ليس بحرير أي مثله في الملمس، وكل ذلك على معنى أكلت مثل التمر. هل ذقت التمر، واشتريت عقدا مثل حب الرمان، هل رأيت حب الرمان ونحو ذلك، فإن النعت في الحقيقة محذوف هو مثل واستغني بالجملة عنها لأن القصد معلوم.
والراجح فيما أرى أن يكون الوصف بالجملة الإنشائية التي يراد بها التشبيه قياسا على هذا التأويل والله أعلم.
[النعت المقطوع]
في العربية ظاهرة جديرة بالالتفات إليها وهي ظاهرة (القطع)، ونعنى بها مغايرة النعت للمنعوت في الإعراب، وذلك بأن يكون المنعوت مرفوعًا ونعته منصوبًا، وقد يكون المنعوت منصوبا، ونعته مرفوعا، وقد يكون المنعوت مجرورا فيقع نعته مرفوعا، أو منصوبا نحو:(مررت بحمد الكريمُ أو الكريم َ).
ويقع القطع في النعت كثيرا، وقد يقع أيضا في العطف، نحو قوله تعالى:{وموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء}[البقرة: ١٧٧]، فعطف بالنصب على المرفوع ومثله قوله تعالى:{والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة}[النساء: ١٦٢]، فعطف بالنصب على المرفوع، ثم عاد إلى الرفع.
وقد اختفت هذه الظاهرة من التعبير منذ زمن بعيد.
ويستعمل القطع لأداء معنى لا يتم بالاتباع، فهو يلفت نظر السامع إلى النعت المقطوع ويثير انتباهه، وليس كذلك الاتباع، وذلك لأن الأصل في النعت أن يتبع المنعوت، فإذا خالفت بينهما نبهت الذهن وحركته إلى شيء غير معتاد، فهو كاللافتة أو المصباح الأحمر في الطريق، يثير انتباهك ويدعوك إلى التعرف على سبب وضعه.