ولو عطفت بالرفع فقلت (علمت أمحمدٌ حاضرٌ وخالدٌ غائبٌ) لكانت الجملة المعطوفة داخلة في الاستفهام، ولكان معنى الجملتين واحدًا.
وكذلك بالنسبة للنفي فلو قلت:(علمت ما محمدٌ حاضرٌ وخالدًا مسافرًا) لكان المعنى أن جملة (ما محمدٌ حاضرٌ) منفية، و (خالدا مسافرا) مثبتة أي وعلمت خالدا مسافرا وهذا نظير قولنا: (علمت خالدا مسافر وما محمد حاضر) فالأولى مثبته، والثانية منفية.
فإن قلت (وخالد مسافر) كانت الجملة منفية عطفا على الأولى أي: وما خالد مسافر.
وقد تقول: وما الفرق بين قولنا (علمت ما محمدٌ حاضرٌ ولا خالدٌ مسافرٌ) وقولنا (ولا خالدا مسافرًا)؟
والجواب إن الرفع يدل على التشريك في الحكم، فحكم الجملة الثانية بمنزلة الأولى في النفي.
أما النصب فيدل على أن (لا) غير معلقة، فإن (لا) على قسمين: معلقة، وهي الواقعة في جواب القسم تقديرا، وهذه لها صدر الكلام، وغير معلقة وهي غير الواقعة في جواب القسم (١)، فقولك (ولا خالدا مسافرا) واقع بعد (لا) التي ليست في تقدير جواب القسم، ومعنى ذلك أنها أقل توكيدا لأن جواب القسم آكد من غيره، كما هو معلوم.
[ظننته لا يفعل وما ظننته يفعل]
تقول (ظننته لا يفعل) وتقول (ما ظننته يفعل) قال تعالى {وظنوا ما لهم من محيص}[فصلت: ٤٨]، وقال:{ما ظنتم أن يخرجوا}[الحشر: ٢]، والفرق بين التعبيرين، أن قولك (ظننته لا يفعل) إثبات للظن، وقولك (ما ظننته يفعل) نفي له. وإيضاح ذلك أنك تقول (ما ظننت محمدًا خصما) فقد نفيت أن تكون ظننت ذلك. وأما قولك (ظننت ما محمد خصم)، فإنه يثبت الظن، وقد أخبرت أنه دار الأمر في ذهنك وترجح عندك أنه ليس خصما.