١ - التوكيد وهو الأصل فيها، ويدور معها حيث وردت قال تعالى:{أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين}[يوسف: ٥١]، فانظر كيف جاء بالجملة الأولى غير مؤكدة (أنا راودته)، والثانية مؤكدة وسر ذلك والله أعلم، أن هذا على لسان امرأة العزيز، وقد فعلت فعلا لا يليق بالنساء، وهي الآن في موطن إقرار بالذنب واعتراف بالخطأ فذكرت ما صدر عنها غير مؤكدة إذ لا يحسن في مثل هذا الفعل التوكيد، وهي تريد أن تفر منه وتتوارى من فعلتها، وقد أنكرت فيما مضى أن تكون قد صنعته بخلاف نسبة الصدق إلى سيدنا يوسف عليه السلام، فجاءت به مؤكدًا بإن واللام.
والدليل على انها تأتي للتوكيد، أنها يجاب بها القسم قال تعالى:{لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون}[الحج: ٧٢]، وقال:{أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم}[المائدة: ٥٣]، وقال:{وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين}[الأعراف: ٢١]، وقال:{ويحلفون بالله إنهم لمنكم}[التوبة: ٥٦]، وقال:{قل إي وربي إنه لحق}[يونس: ٥٣].
قال ابن يعيش:"فأما فائدتهما - يعني إن وأن، فالتأكيد لمضمون الجملة، فإن قول القائل إن زيدًا قائم ناب مناب تكرير الجملة مرتين إلا أن قولك (إن زيدًا قائم) أوجز من قولك (زيد قائم زيد قائم)، مع حصول الغرض من التأكيد. فإن أدخلت اللام وقلت:(إن زيدا لقائم) ازداد معنى التأكيد، وكأنه بمنزلة تكرار اللفظ ثلاث مرات"(١).
أما ما ذكره ابن يعيش من أن (إن) نائبة مناب تكرير الجملة مرتين، وهي مع اللام مناب تكريرها ثلاث مرات، فلا أظن أنه يعني إن تكرير الجملة (وإن) بمنزلة واحدة،