ولا يقال أن (رب) متقدمة فأفادت القصر، إذ هي ليس لها متعلق فتتقدم عليه، فلا يفيد تقديمها القصر، بل أفادته مع (ما).
وكقوله صلى الله عليه وسلم:(صلوا كما رأيتموني اصلي)، إذ يحتمل أن المعنى لا تصلوا إلا كصلاتي فأفادت ما الكافة القصر.
تبين من هذا أن ما تزاد على ضربين:
١ - كافة، والغرض منها توسع دائرة الاستعمال، وقد تكون للقصر إذا احتمل المعنى ذلك.
٢ - غير الكافة وهي للتوكيد.
[التقديم والتأخير]
إن أغراض تقديم الجار والمجرور لا تكاد تختلف عن غيرها من أغراض تقديم المفعول والحال، والظرف ونحوها، ومدار الأمر في ذلك هو العناية والاهتمام.
إن مواطن العناية والاهتمام متعددة كما سبق أن ذكرنا في أكثر من موطن، ومن ذلك:
الحصر والاختصاص، وهو أشهر الأغراض، وأكثرها دورانا حتى حص بعضهم التقديم بهذا الغرض، جاء في الاتقان:" كاد أهل البيان يطبقون على أن تقديم المعمول يفيد الحضر سواء كان مفعولا أو ظرفا أو مجرورا، ولهذا قيل في {إياك نعبد وإياك نستعين}[الفاتحة: ٥]، ومعناه نخصك بالعبادة والاستعانة، وفي {لإلي الله تحشرون}[آل عمران: ١٥٨]، معناه إليه لا إلى غيره"(١).