للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالكلام، كما ترى، على الميثاق، فناسب ذلك زيادة (ما) لتوكيد نقض الميثاق، وكذا الكلام في آية نوح، وهو قوله تعالى: {مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا} [نوح: ٢٥]، فإن القصر فيها متأت من التقديم.

أما ما قاله ابن القيم فيمن قال من النحاة إنها زيادة فغلو عليهم، فهم لا يقولون بأنها زائدة لا فائدة منها، وإنما يقولون هي زائدة مؤكدة، فهي واردة لتأدية معنى، لا لغير معنى.

وأما ما ذكره من أنها نظيرة (أن) فإن زيادتها مع إن اقتضي معنى النفي والإيجاب - يعني القصر - فانقل هذا المعنى إلى اتصالها بحرف الجر، فهذا مردود بأن التي تفيد القص هي الكافة فقط، أما غير الكافة فلا تفيده.

ويؤيد ما ذهبنا إليه في أن ما غير الكافة المزيدة بعد حروف الجر، لا تفيد القصر بل التوكيد.

١ - إن ما إذا زيدت غير كافة في الأحرف المشبة بالفعل، كانت مؤكدة نحو (إنما محمدا قائم) وإذا زيدت كافة فهي للقصر، وللتهيئة للدخول على ما لم تكن تدخل عليه. جاء في شرح ابن يعيش: وقيل إنما زيدا منطلق، فيجوز في أن الإعمال والإلغاء فمن ألغي ورفع، وقال (إنما زيد منطلق) كانت ما كافة .. ومن أعمالها وقال: (إنما زيدا منطلق) كانت ملغاة والمراد بها التأكيد (١).

٢ - إن ما غير الكافة الداخلة على الشرط أو غيره لا تفيد معنى القصر، وذلك نحو (وإما تخافن من قوم خيانة) ونحو (غضبت من غير ماحرم) بل تفيد التوكيد

٣ - ليس هناك نصوص تقطع بأن غير الكافة تفيد القصر مع حروف الجر، بل الأولى أن تكون الكافة المزيدة بعد أحرف الجر هي التي تفيد القصر، إذا احتمل المعنى ذلك نظيره أن، وذلك نحو قوله تعالى: {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} [الحجر: ٢]، فهو يحتمل أن المعنى: لا يود الذين كفروا كثيرا إلا هذا الأمر.


(١) شرح ابن يعيش ٨/ ١٣٣

<<  <  ج: ص:  >  >>