للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كنت على بينة، فذاك من ربي، وكان (فمن ربي) هو الجواب.

وتقول: (إذا أرسلنا لهم قاضيًا بينهم بالعدل)، فالجواب: (قضى) فإذا جئت بالفاء كان الجزاء حيثما وضعتها فيه، فإن قلت: (إذا أرسلنا لهم قاضيا قضى بيهم فبالعدل) كان الجواب (بالعدل) أي بالعدل كان حكمه، أو فبالعدل فعلنا، وتقول: (إذا أرسلنا لهم فقاضيا قضي بينهم بالعدل) أي إذا أرسلنا أحدًا، فإنا أرسلنا قاضيا، وكان (قاضيا) هو الجزاء وجملة (قضى بينهم) نعت له.

ونحوه أن تقول (إذا قضيت أمرًا فلا راد له)، والجواب (فلا راد له)، ولو قلت (إذا قضيت فأمر لا راد له) كان المعنى فقضاؤك أمر لا راد له، وكانت (لا راد له) صفة، أو تقول (فأمرًا) أي فقد قضيت أمرًا.

وانظر إلى هذه الجملة كيف يتغير المعني بتغير موضع الفاء:

إذا رأيت إبراهيم حاد عني.

إذا رأيت إبراهيم حاد فعني.

إذا رأيت فإبراهيم حاد عني.

فالفاء ليست لمجرد الربط، بل لها غرض آخر، لا يتضح المعنى إلا بها أحيانا.

[دخول الفاء جوازا على الجواب]

قد يقترن جواب الشرط بالفاء جوازا، وذلك إذا كان الفعل ماضيًا وقصد به وعد أو وعيد، وذلك نحو قوله تعالى: {ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار} [النمل: ٩٠]، أو كان مضارعًا مجردًا، أو منفيًا، بـ (لا) وقيل بـ (لم) أيضًا (١). وذلك نحو قوله تعالى: {ومن كفر فأمتعه قليلا} [البقرة: ١٢٦]، وقوله: {فإن طلقها فلا تحل له} [البقرة: ٢٣٠]


(١) انظر شرح ابن الناظم ٢٨٨، التصريح ٢/ ٢٤٩

<<  <  ج: ص:  >  >>