للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الماضي الذي قصد به وعد أو وعيد، فاقترانه بالفاء يدل على أنه نزل منزلة ماضي المعنى مبالغة في تحقق وقوعه (١)، أي كأن الأمر حصل وتم.

وأما المضارع المجرد أو المنفي بلا، فهو عند الأكثرين على تقدير مبتدأ بعد الفاء قالوا ولذا يرتفع الفعل بعدها.

جاء في (الهمع): " ويرفع الجواب وجوبًا إن قرن بالفاء سواء كان فعل الشرط ماضيا نحو: {ومن عاد فينتقم الله منه} [المائدة: ٩٥]، أم مضارعًا، نحو: {فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا} [الجن: ١٣]، رفع لأنه حينئذ من جملة إسمية، وهو خبر مبتدأ محذوف تقديره فهو ينتقم الله منه، فهو لا يخاف (٢).

وقال الرضي: " مذهب سيبويه تقدير المبتدأ في الأخير، ليكون جملة إسمية في التقدير، وقال المبرد لا حاجة إليه .. وإن ثبت نحو قولك: (إن غبت فيموت زيد) لم يكن لمذهب سيبويه وجه، إذ لا يمكن في مثله تقدير مبتدأ إلا ضمير الشأن، ولا يجوز إلا بعد المخففة قياسًا، وبعد إن وأخواتها ضرورة (٣).

وهذا الافتراض الذي ذكره الرضي ثابت في فصيح الكلام، ولا داعي للتوقف فيه، قال تعالى: {من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون} [القصص: ٨٤]، فلا يصح تقدير مبتدأ ههنا.

والذي يبدو لي أن هذه الفاء لها غرض في الكلام، وليس دخلوها كخروجها.

أما دخولها على الفعل الماضي، فقد ذكر النحاة الغرض منه، وهو الاشعار بأن الحدث وقع فعلا، أو هو بمنزلة الواقع تحقيقا وتأكيدًا له.


(١) شرح الأشموني ٤/ ٢٣، حاشية الصبان ٤/ ٢٣
(٢) همع الهوامع ٢/ ٦٠، وانظر التصريح ٢/ ٢٤٩ - ٢٥٠، كتاب سيبويه ١/ ٤٣٧ - ٤٣٨
(٣) شرح الرضي على الكافية ٢/ ٢٩٢

<<  <  ج: ص:  >  >>