للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما في المضارع فالذي يبدو أنها تفيد التوكيد، فقوله تعالى: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره} [البقرة: ٢٣٠]، آكد من قولنا (فإن طلقها لا تحل) بلا (فاء). وقوله: {ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما} [طه: ١١٢]، آكد من قولنا (لا يخف ظلما ولا هضما).

ويدل على ذلك أمور منها:

إن الفاء قد تكون زائدة للتوكيد.

جاء في (المغنى) في معاني الفاء: " الثالث أن تكون زائدة دخولها في الكلام كخروجها" (١).

وجاء في (حاشية الدسوقي على المغنى) تعليقا على هذا القول: " فلا ينافي أنها تفيد توكيد المعنى وتقويته لقولهم: إن زيادة الحرف تدل على زيادة المعنى، وقد ينضم لذلك تزيين اللفظ تحسينه، وإلا كان ذلك عبثا" (٢).

ويدل على ذلك استعمالها في غير الشرط، فهي قد تفيد التوكيد، قال تعالى: {وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر} [المدثر: ٣ - ٥].

يذكر النحاة أن الفاء دخلت هنا لمعنى الشرط " كأنه قيل: وما كان فلا تدع تكبيره" (٣).

والحق أنا لا نشم رائحة للشرط هنا، بل هو زيادة في التأكيد والتخصيص، فقدم المفعول للتخصيص، وجاء بالفاء زيادة في التوكيد، ونحوه قوله تعالى: {بل الله فاعبد وكن من الشاكرين} [الزمر: ٦٦]، وقوله: {وإياي فارهبون} [البقرة: ٤٠]، فجاء بالفاء زيادة في التوكيد.


(١) المغني ١/ ١٧٧
(٢) حاشية الدسوقي ١/ ١٧٧
(٣) الكشاف ٣/ ٢٨٥

<<  <  ج: ص:  >  >>