ولا يقال (لا في الدار رجل) بالفتح فـ (ما) أوسع استعمالا في هذه الناحية وذلك لأن (لا) تركبت مع منفيها فأصبحتا كالكلمة الواحدة، ولذلك لا يصح الفصل بينهما، فإن فصلت بينهما وجب أهمالها وتكرارها، وتخلف التنصيص على الجنس، وذلك كقوله تعالى:{لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون}[الصافات: ٤٧].
وقد تقول: أليس قوله تعالى (لا فيها غول) نصًا في نفي الجنس؟
والجواب أن نفي الجنس ههنا متعين، لأن المقام يدل عليه، ولكن يصح أن يراد في تعبير آخر مثله نفي الواحد، ونفي الجنس، كأن تقول (لا فيها رجل ولا امرأة) بخلاف ما لو جاء بعدها مفتوحًا أو منصوبًا، فإنه لا يصح إرادة الواحد البتة، وفي غير القرآن يمكن أن يراد بالتعبير (لا فيها غول) نفي الجنس والوحدة، ولكن هنا دل المقام على أن ذلك لنفي الجنس.
وانت إذا أردت نفي الغول الواحد تعين أن تقول ذلك بالرفع.
إن المقصود بقولنا أن (لا) الناصبة تنفي الجنس، إنها لا تحتمل الوحدة البتة، وأما المشبهة بليس فإنها قد تنفي الجنس وقد يتعين في بعض التعبيرات ذلك، إذا كان المقام يقتضيه، ولكن يصح أن يراد في التعبير نفسه نفي الوحدة في مقام آخر.
[تقديم خبرها على اسمها]
ذكرنا إنه لا يصح أن يتقدم خبر (لا) على اسمها مع بقائها نصا، في نفي الجنس، فلا تقول:(لا في الصف طالب) وإنما تقول إذا أردت التنصيص على الجنس مع التقديم (ما في الصف من طالب).
فإن قدمت خبر (لا) على اسمها وب الاهمال والتكرار كقولك (لا في الصف طالب ولا طالبة) ثم إن المعنى يختلف.
فإنك تقول مثلا (لا عاصم لك) والمعنى نفي العاصم له مطلقا من دون أن تتعرض لغيره فإن قدمت الخبر وقلت (لا لك عاصم ولا ملجأ) كان المعنى نفي العاصم له