للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ها أنت ذا وها أنا ذا]

ويستعمل هذا التعبير للأفصاح عن الشخص ومكانه، كأنه يقال: أين فلان؟ فيقال: ها أنا ذا وها وهو ذا، قال عنترة:

أحولي تنقض استك مذرويها ... لتقتلني فها أنذا عمارا

وقال الشاعر:

أن الفتى من يقول ها أنذا ... ليس الفتى من يقول كان أبي

أي إن الفتى الحق من يفصح عن نفسه ومكانته هو، لا أن يدل على مكانة أبيه. جاء في (شرح السيرافي على الكتاب) " " إنما يقول القائل ها أنا ذا إذا طلب رجل لم يدر أحاضر هو أم غائب فقال المطلوب: ها أنا ذا أي الحاضر عندك أنا. وإنما يقع جوابا لقول القائل: أين من يقوم بالأمر؟ فيقول له الآخر: أنا ذا أو ها أنت ذا. أي أنا في الموضع الذي ألتمست فيه من التست. أو أنت في ذلك الموضع ولو ابتدا الإنسان على غير هذا الوجه فقال (هذا أنت) و (هذا أنا) يريد أن يعرفه نفسه، كان محالا لأنه إذا أشار له إلى نفسه، فالأخبار عنه ثابت لا فائدة فيه لأنك إنما تعلمه أنه ليس غيره، ولو قلت (ما زيد غير زيد) كان لغوا لا فائدة فيه". (١)

وقد يقال " ها أنت ذا تعنيه ولا يعنيك " تخبره عن نفسه بحقيقة ربما كانت خافية عليه فتنبه عليها وتحذره أمره كما قال تعالى: {هأنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم} [آل عمران: ١١٩].

وأما موقع التنبيه ابتداء أو أخيرًا فله دلالته ايضا، فإن التنبيه يقدم أو يؤخر ويكرر بحسب الحاجة إليه، وقد يحذف إذا لم يكن له داع، فتقول (ها أنت ذا) مقدما التنبيه وتؤخره قائلا (أنت هذا)، والتنبيه في الخطاب الأول أهم، والقائل به أعني، تقول: (ها هو ذا) إذا أردت أن تنبه السامعين على المشار إليه قال تعالى {هاأنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم}.


(١) شرح السيرافي بهامش الكتاب ١/ ٣٧٩

<<  <  ج: ص:  >  >>