١ - تقول خالدا أكرمت، وخالدٌ أكرمته، فما الفرق بين التعبيرين؟ قال تعالى:{والأنعام خلقها لكم فيها دفء}[النحل: ٥]، بالنصب، وقال:{والشعراء يتبعهم الغاوون}[الشعراء: ٢٢٤]، بالرفع فلم ذاك وما وجه الاختلاف بينهما؟
أنه يصح من حيث التركيب النحوي، أن تقال كل جملة من الجملة التي ذكرناها بالرفع وبالنصب، ولكن هل تكون بمعنى واحد؟
نحن ذكرنا رأي النحاة في ذلك، وذكرنا أن عندهم ترجيحات لا تقوم على أساس، فما حقيقة هذا الأمر؟
من الواضح أن المتحدث عنه في نحو قولك (محمد أكرمته) هو محمد، وفي محمدًا أكرمته، هو المتكلم وكذلك في نحو قولك (زيد سلمت عليه) الاخبار فيه عن زيد وفي (زيدا سلمت عليه)، الاخبار عن المتكلم، جاء في (الإيضاح في علل النحو: )" قال ابو العباس: الفرق بين (ضربت زيدا) و (زيد ضربته) إنك إذا قلت (ضربت زيدا) فإنما أردت أن تخبر عن نفسك، وتثبت أين وقع فعلك، وإذا قلت (زيد ضربته) فإنما أردت ان تخبر عن زيد"(١). ولكنك قدمت (زيدا) في قولك (زيدًا ضربته) للاهتمام به، والحديث عنه غير أنه حديث لا يرقي إلى درجة العمدة.
وبتعبير آخر أنت قدمت المنصوب في الاشتغال للحديث عنه بدرجة أقل من المبتدأ، لأن المبتدأ متحدث عنه، والحديث يدور عليه أساسا بخلاف المشغول عنه، فإن الحديث يدور على غيره أساسا، فالفرق بين ولنا (محمدا اكرمته) و (محمد أكرمته) أنك بالرفع جعلت مدار الحديث محمدا، وجعلت أخبارك عنه وهو مدار الاهتمام. أما الأولى فقد قدمت فيها محمدا للاهتمام، قدمته لتتحدث عنه بدرجة أقل من العمدة، فإن الإخبار عن المتكلم، ولكن قد يقتضي السياق أن تخص محمدا بحديث، وأما (محمدًا أكرمت) فللاختصاص.