٤ - ثم هي توصف بالنكرة، تقول (رأيت مساجد عامرة بالمسلمين) وتقول (قاسيت ليالي مرة) قال تعالى: {ومساكن طيبة في جنات عدن}[التوبة: ٧٢]، فلو كانت معرفة لم يصح وصفها بالنكرة.
٥ - ثم لو كانت صيغة منتهى الجموع معرفة، لم يصح تعريفها في حين أنه يصح تعريفها بإجماع، فتقول المساجد والسنابل والليالي، قال تعالى:{وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا}[الجن: ١٨]، وقال:{ولا الهدي ولا القلائد}[المائدة ٢].
فدل ذلك على بطلان ما ذهب إليه.
[الغرض من التنوين]
في العربية أسماء منونة، وأسماء لا تنون، ذكر النحاة ضوابطها، وقد عرفنا أن النحاة ذهبوا إلى أن التنوين علامة الخفة، وذهب بعض الباحثين الحدثين إلى أن التنوين علامة على التنكير وأن الأسماء التي لا تنون معارف.
ومن الواضح أننا إذا قلنا أن التنوين علامة على التنكير بإطراد، اصطدمنا بالإعلام المنونة مثل محمد وخالد، وإذا قلنا أن عدم التنوين علامة على التعريف اصطدمنا بنكرات كثيرة لا تقبل التنوين، نحو أحمر، وعطشان ومساجد.
ولكن الحق الذي لا مرية فيه، أن التنوين في طائفة من الأسماء وعدمه في طائفة أخرى يهدينا إلى أمور لغوية قد تغيب عنا، لولا هذه العلامة، فهو قد يدلنا مثلا على هوية الكلمة واشتقاقها، ومعرفة هي أم نكرة، فهو علامة يحملها الإسم، تدل على أصله وهويته سواء قلنا أنه علامة على الخفة، أم لا.
فالتنوين يبين لنا أمورًا عديدة في طبيعة الكلمة، منها على سبيل المثال:
١ - أنه يميز بين المعرفة والنكرة، فإنه إذا لحق علما حقه إلا ينون أفاد أنه نكرة، نحو (رأيت إسماعيلا) والمعنى رأيت شخصا ما اسمه إسماعيل، بخلاف قولك (رأيت إسماعيل) فإنه يعني شخصا معلومًا، ومثله (مررت بخالدة وخالدة أخرى)