للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحمل على اللفظ والمعنى]

مَنْ وما في اللفظ مفردان مذكران وقد عرفنا أنهما صالحان للمفرد، والمثنى، والجمع المذكر والمؤنث، فتقول: جاء من فاز، ومن فازت، ومن فازوا، ومن فزن، واشتريت ما باعه خالد، وما باعها، وما باعهن.

ويجوز مراعاة لفظهما أعني الأفراد والتذكير كما يجوز مراعاة المعنى قال تعالى: {ومن الناس من يقول أمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين} [البقرة: ٨]، فقد أعاد الضمير على لفظ (من)، وهو الأفراد والتذكير فقال (من يقول) ثم أعاده فيما بعد على معناه، وهو الجمع فقال (وما هم بمؤمنين) فالمقصود بـ (مَنْ) في الآية الجمع، لكن حمل الكلام على لفظة في الأول ثم حمله على معناه فيما بعد. ونحوه قوله تعالى: {ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريمًا} [الأحزاب: ٣١]، فقد أعاد الضمير أولاً على لفظ (من)، وهو الأفراد، والتذكير، فقال (ومن يقنت) ثم أعاده على معناه وهو الإفراد، والتأنيث فيما بعد فقال (وتعمل صالحا نؤتها أجرها). غير أنه يجب مراعاة المعنى، إذا حصل لبس بمراعاة اللفظ فلا تقول (أعط من سألك) إذا كان السائل أنثى بل تقول (أعط من سألتك) لئلا يلتبس المذكر بالمؤنث، وتقول: (لقيت من أحبها) إذا كان المحبوب أنثى ولا تقول (من أحبه) إلا إذا كان هناك قرينة فإنه يجوز عند ذاك مراعاة اللفظ.

وكذلك يجب مراعاة المعنى إذا حصل قبح بمراعاة اللفظ، وذلك كأن تقول (من هي كريمة سعاد) فإنه يقبح أن يقال (من هي كريم سعاد) لأنه يؤدي إلى الأخبار عن المؤنث بالمذكر وهذا لا يجوز لأن الخبر المشتق يطابق المبتدأ.

وفيما عدا ذلك يوز مراعاة اللفظ ومراعاة المعنى، وقيل أن مراعاة اللفظ أحسن وأولى عند العرب. وإذا اجتمعت المراعاتان، فالأولى تقديم مراعاة اللفظ، ثم مراعاة المعنى كما هو شأن أكثر، ما ورد في القرآن الكريم، قال تعالى: {ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه} [الأنعام: ٢٥]، فقد بدأ بالحمل على اللفظ

<<  <  ج: ص:  >  >>