للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣ - نفي الشيء والمراد عدم كماله]

قد ينفي الشيء أصلا، وليس المراد ذلك، بل المراد أنتفاء كماله، أو يكون المراد أنه لا ينبغي أن يوصف بهذا الوصف، وذلك كقولك (أن فلان ليس بحي) والمقصود أن حياته التي هو فيها لا ينبغي أن تسمى حياة، ونحو هذا قول الشاعر:

ما عاش من عاش مذموما خصائله ... ولم يمت من يكن بالخير مذكورا

ونحو هذا قوله تعالى في أهل النار: {لا يموت فيها ولا يحيى} [طه: ٧٤] " فنفي عنه الموت لأنه ليس بموت صريح، ونفي عنه الحياة، لأنها ليس بحياة طيبة ولا نافعة (١).

ونحوه أن تقول لزائرك وقد هم بالانصراف (لم نرك بعد) أي لم تتم رؤيتنا لك فقد نفي الرؤية والمقصود عدم كمالها.

[٤ - التقديم والتأخير]

وله صورة أبرزها:

أ - تقديم الاسم على الفعل، فمن ذلك.

تقديم المسند إليه على الفعل نحو (ما أنا أخبرته بهذا) فهذا يفيد أن الأخبار حصل ولكن لم تفعله أنت، بل فعله غيرك بخلاف ما لو قلت: (ما أخبرته بهذا) فهذا نفي للاخبار عن نفسك، أما بالنسبة لي غيرك فقد يكون أخبره أو لم يخبره.

ومثله (ما ذهب إليه) والمقصود نفي الذهاب عن نفسك، أما بالنسبة إلى غيرك، فقد سكت عنه، فقد يكون ذهب أو لم يذهب، فإذا قدمت المسند إليه فقلت (ما أنا ذهبت إليه) أفدت نفيه عن نفسك، وإثباته لغيرك، ولذا لا يصح أن يقال (ما أنا ذهبت إليه ولا أحد غيري) فإن قولك (ما أنا ذهبت إليه) يعني أن غيرك ذهب إليه، فإذا قلت (ولا أحد غيري) ناقض آخر الكلام أوله.


(١) البرهان ٣/ ٣٩٥

<<  <  ج: ص:  >  >>