وقد تقول: قد يفيد الكلام التعجب بدونها، نحو (ناهيك محمد) و (حسبك خالد) فنقول: قد يكون ذلك ولكن الكلام عند ذاك ليس نصا في التعجب، بل هو متحتمل للتعجب وغيره، فإذا جئت بالباء كان للتعجب نصًا.
[الفرق بين فعل وما أفعل وأفعل به]
تقول: ما أكرم خالدًا، وأكرم بخالد، وكرم خالد، وكرم بخالد، فما الفرق بين هذه التعبيرات؟
أما الفرق بين: ما أكرم خالدًا، وأكرم بخالد، فقد مر.
وأما (كرم خالد) فيدل على التحول في الصفة، فالتعجب بـ (فعل) معناه أن الوصف تحول في صاحبه وتمكن منه إلى درجة يتعجب منها، فقولك (ما أحسن خالدًا) معناه أنك تتعجب من حسن خالد، وأما (حسن خالد) فمعناه أن خالدًا اتصف بالحسن، وتمكن منه الوصف إلى درجة يتعجب منها، ففي (فعُل) معنى التحول بخلاف (ما أفعل) فإن (ما أفعل) للتعجب من الأمر كما هو الآن من دون نظر إلى الماضي، أما (فعُل) فيفيد التحول إلى درجة التعجب، فالمتعجب بهذا الفعل ينظر إلى الأصل الذي بدأ منه الفعل ثم بلغ هذا المبلغ.
تقول:(ما أكبر هذه الكلمة) تصفها بالكبر الآن، فإذا قلت (كبرت كلمة) كان معناها أن هذه الكلمة قيلت، فبلغت من الكبر درجة عظيمة يتعجب منها، قال تعالى:{وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم}[الكهف: ٤، ٥]، أي أن هذه الكلمة خرجت من أفواههم، واتسعت وأضلت خلقا كثيرين فتعجب من هذه الكلمة كيف بلغت هذا الكبر.
ونحوه قولك:(ما أبشع هذه الفعلة) و (بشعت هذه الفعلة) فإن العبارة الأولى تصف الفعلة بالبشاعة الآن، وأما الثانية فإنها تفيد أن الفعلة أخذت بالبشاعة ازديادا حتى وصلت إلى حد فظيع يتعجب منه.