قد يضم إلى (بل)(لا) فتفيد توكيد الاضراب، وذلك بعد الإيجاب، والأمر، والنفي، والنهي، نحو (جاء محمد لا بل خالد)، ومعناها نفي المجيء عن محمد وإثباته لخالد. فالفرق بين قولنا (جاء محمد بل خالد) و (جاء محمد لا بل خالد) أن مجيء محمد في الأول صار كالمسكوت عنه، فإنه يجوز أنه حصل ويجوز أنه لم يحصل، وفي الثاني نفينا المجيء عن محمد وأثبتناه لخالد. قال الشاعر:
وجهك البدر لا بل الشمس لو لم ... يقض للشمس غيبة وأفول
وكذا في الأمر، فإنك إذا قلت (أضرب محمدا لا بل خالدا) كان المعنى لا تضرب محمدًا وإنما آمرك بضرب خالد، ولو قال (أضرب محمدا بل خالدا) لكان الأمر بضرب محمد كالمسكوت عنه، يجوز أن يوقعه وألا يوقعه، وكذلك في النفي والنهي نحو (ما جاء محمد لا بل خالد) فنفي المجيء عن محمد مؤكد بـ (لا) مثبت لخالد، وكذلك نحو (لا تضرب محمدًا لا بل خالدا).
جاء في (شرح الرضي على الكافية): " وإذا ضممت (لا) إلى (بل) بعد الإيجاب أو الأمر نحو (قام زيد لا بل عمروا) و (اضرب زيدا لا بل عمرا) فمعنى (لا) يرجع إلى ذلك الإيجاب والأمر المتقدم لا إلى ما بعد بل، ففي قولك (لا بل عمرو) نفيت بـ (لا) القيام عن زيد وأثبته لعمرو بـ (بل) ولو لم تجيء بـ (لا) لكان قيام زيد كما ذكرنا في حكم المسكوت عنه يحتمل أن يثبت وأن لا يثبت، وكذا في الأمر نحو (اضرب زيدا لا بل عمرا) أي لا تضرب زيدا بل اضرب عمرا ولولا (لا) المذكورة، لاحتمل أن يكون امرا بضرب زيد، وأن لا يكون مع الأمر بضرب عمرو، وكذا (لا) الداخلة على (بل) بعد النهي والنفي، راجعة إلى معنى ذلك النهي والنفي مؤكدة لمعناها (١).